ولا يساعده دليل ، وتوهّم دلالة أدلة حجية خبر الواحد عليه بالفحوى ، لكون الظن الذي تفيده أقوى مما يفيده الخبر ، فيه ما لا يخفى ، ضرورة عدم دلالتها على كون مناط اعتباره إفادته الظن ، غايته تنقيح ذلك بالظن ، وهو لا يوجب إلّا الظن بأنها أولى بالاعتبار ، ولا اعتبار به ، مع أن دعوى القطع بأنه ليس بمناط غير مجازفة.
______________________________________________________
كونه أكثر تطابقا للواقع جهة اخرى ملحوظة.
كما أنّه ربّما يستدلّ على اعتبار الشهرة بالتعليل الوارد في آية النبأ الدالّة على عدم جواز الاعتماد على خبر الفاسق معلّلا بقوله سبحانه (أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ)(١) فإنّه بناء على كون المراد من الجهالة السفاهة كما هو ظاهرها بملاحظة موردها يكون مقتضاها جواز العمل بما لا يكون العمل به سفاهة ولا يكون العمل بالشهرة في الفتوى سفاهة وعملا سفهيا وفيه إن مقتضى التعليل عدم جواز العمل بكل ما يكون العمل به سفهيا ، لا جواز العمل بكل ما ليس بسفهيّ ، كما أنّ مقتضى تعليل حرمة الخمر بإسكاره حرمة تناول كلّ مسكر ، لا جواز تناول كل شيء لا يكون مسكرا مع أنّ عمل فقيه بفتوى فقيه آخر مع إحراز مدرك فتواه واحتمال خطئه لعله داخل في العمل السفهيّ ، نظير عمل من هو من أهل الخبرة بقول خبرة آخر مع احتمال الخطأ في حدسه.
أمّا الكلام في الجهة الثانية فإن أحرز أو احتمل أنّ عمل المشهور برواية ضعيفة في سندها كونها مطابقة للاحتياط أو مخالفة لما عليه العامة ، ونحو ذلك مما لا يصلح بمجرده في النظر لصيرورتها معتبرة فلا وجه للاعتماد عليها والفتوى بمضمونها ، وإن لم يحرز أو لم يحتمل وجه العمل بها فيما وصل بأيدينا بأن حصل الوثوق بأنّ وجه
__________________
(١) سورة الحجرات ، الآية ٦.