بين أن يكون حاصلا بنحو متعارف ، ومن سبب ينبغي حصوله منه ، أو غير متعارف لا ينبغي حصوله منه ، كما هو الحال غالبا في القطّاع ، ضرورة أن العقل يرى تنجز التكليف بالقطع الحاصل مما لا ينبغي حصوله ، وصحة مؤاخذة قاطعه
______________________________________________________
بحكم الله سبحانه وقد أثبتنا سابقا أنّه لا اعتماد على الظن المتعلق بنفس أحكامه تعالى أو بنفيها.
أقول : لا يبعد ظهور كلمات بعضهم فيما نسب الشيخ قدسسره إليهم من عدم الاعتبار عندهم بالقطع الحاصل من غير الأخبار المأثورة عنهم عليهمالسلام ، قال : السيد الصدر في شرح الوافية في جملة كلام له : أنّ المعلوم هو أنّه يجب فعل شيء أو تركه أو لا يجب إذا حصل الظن أو القطع بوجوبه أو حرمته أو غيرهما من جهة نقل المعصوم أو فعله أو تقريره لا أنّه يجب فعله أو تركه أو لا يجب مع حصولهما من أي طريق كان.
وكيف كان فقد وجّه كلمات هؤلاء باحتمال كون مرادهم الالتزام بالتقييد في مرحلة فعلية الأحكام وبأن الأحكام الشرعية وإن كانت ثابتة في الوقائع إلّا أنّ فعليتها لا تكون مطلقة ، بل فيما إذا وصلت إلى العباد بنحو السنة والخبر المأثور عنهم عليهمالسلام ولا تكون لها فعلية إذا لم تكن واصلة بهذا النحو ولا يكون للقطع بها أثر بل كان ممّا سكت الله عنه ، ويشير إلى ذلك ما ورد مثل قولهم : «حرام عليكم أن تقولوا بشيء لم تسمعوه منّا» (١) وقولهم : «لو أنّ رجلا قام ليله وصام نهاره وتصدّق بجميع ماله وحجّ جميع دهره ولم يعرف ولاية وليّ الله فيواليه ويكون جميع أعماله بدلالته إليه ما كان له على الله جلّ وعزّ حقّ في ثوابه» (٢) وقد ردّ على ذلك بعدم دلالة الأخبار على
__________________
(١) الكافي ٢ : ٤٠١ ، الحديث الأول.
(٢) الكافي ٢ : ١٩ ، الحديث ٥.