.................................................................................................
______________________________________________________
والثالثة : هل يعاقب الجاهل القاصر كالمقصر أو أن عقابه على ما لا يقدر على تحصيل العلم به خلاف العدل.
أما الجهة الاولى : فلا يبعد دعوى أن الجاهل القاصر بالاضافة إلى العلم بوجود الصانع وتوحيده لا يوجد إلّا نادرا ، فإن التأمل في تحقق الشيء فضلا عن الموجودات الأرضية والسماوية والتأمل في النظام الموجود فيها يوصل الإنسان إلى اليقين بأن هذه الموجودات والنظام الموجود فيها لا بد من أن ينتهي إلى الواجب بالذات الذي هو في ذاته قادر وعالم ، والآيات من الكتاب المجيد المرشدة للإنسان إلى النظر والتأمل في خلق السماوات والارض هداية له في هذه الجهة ، وأما الجهل قصورا بالإضافة إلى النبوة الخاصة والمعاد الجسماني والإمامة فلا ينبغي التأمل في تحققه كما هو الحال في أكثر من عاش في بلاد الكفر وبلغ حدا فقد قوته وضعفت إدراكاته ولم يكن ملتفتا وسامعا إلى من يخبر بالإسلام ومعتقداته.
أما الجهة الثانية : فلا ينبغي التأمل أيضا في أنه يترتب على القاصر جميع الأحكام المترتبة على الكفر وينتفي عنه جميع ما يترتب على الإسلام والمسلم من الأحكام ؛ لأنّ القصور والاستضعاف لا يمنع عن انطباق عنوان الكفر على القاصر ، ولا يوجب انطباق المسلم عليه ، وإنما يفترق القصور عن التقصير بالإضافة إلى الجهة الثالثة ، فإن القاصر وإن لا ينال لما هو جزاء الإيمان والإطاعة من درجات النعيم والجنة إلّا أنه لا يستحق عقابا ما لم يتحقق في ذلك العالم ما يوجب استحقاقه العقاب ، فإن العقاب بلا بيان قبيح ينافي العدل إذا لم يكن معاندا للحق بل كان منقادا له على الإجمال ، وما في كلام الماتن قدسسره في بحث الطلب والإرادة من أن استحقاق العقاب من لوازم البعد المترتب على الكفر والعصيان الناشئين من خبث الباطن