.................................................................................................
______________________________________________________
فإن ثبوت بعضها وتعيين مجاريها وتوضيح مفادها محل الكلام على ما يأتي.
الثاني : أن قاعدة الطهارة تختص بموارد الشك في باب من أبواب الفقه وعدم اختصاصها بالاصول الأربعة ، فإنها تجري على كل أبوابه ، ولا يخفى عدم تمامية الوجه الثاني فإن استطراد المسألة الاصولية في جميع أبواب الفقه غير لازم.
وقد حكي عن بعض الاعتذار بوجه ثالث : وهو أن الطهارة والنجاسة الواقعيتين ليستا من قبيل الحكم الشرعي ، بل هما أمران واقعيان كشف عنهما الشارع في مواردهما ، لعدم اطلاع الناس عليهما في جميع تلك الموارد ، فيكون مورد الشك في كون الشيء طاهرا أو نجسا من قبيل الشبهة الموضوعية ، فأصالة الطهارة الجارية فيها من قبيل الاصول العملية الجارية في الشبهات الموضوعية.
وفيه إن اريد أن للطهارة أو النجاسة منشأ واقعيا فهذا صحيح في الجملة ، فإن الشارع لا يجعل النجاسة لشيء عبثا وبلا ملاك ، ولكن هذا يجري في سائر الأحكام الوضعية والأحكام التكليفية ، وإن اريد أنهما بنفسهما أمران واقعيان لا يحصلان بالاعتبار فهذا خلاف ظاهر الخطابات ، بل خلاف صراحة بعضها مثل ما ورد في الصحيح : «كان بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم قطرة بول قرضوا لحومهم بالمقاريض ، وقد وسّع الله عليكم بأوسع ما بين السماء والأرض وجعل لكم الماء طهورا» (١) ، فإن صريحه اعتبار طهارة موضع إصابة البول بغسله بالماء لهذه الامة وإذا كانت طهارته بالغسل بالاعتبار فلا محالة تكون نجاسته أيضا بالاعتبار ، حيث لم تكن ترتفع بالغسل بالماء من بني إسرائيل ، واعتبرها منتهية بالغسل بالماء لهذه الامة.
__________________
(١) وسائل الشيعة ١ : ١٣٣ ، الباب الأول من أبواب الماء المطلق ، الحديث ٤.