.................................................................................................
______________________________________________________
سبحانه لعدم تعلق مشيئته لوصول الحكم إلى العباد في القسم المشار إليه ، كذلك الحال في القسم الثاني أيضا ، حيث لو كانت مشيئته بوصولها إلى العباد لأمر الوصي الأخير سلام الله عليه بالظهور وإبلاغها لنا ، ولعله لذلك لم يناقش صاحب الوسائل في دلالته على البراءة ولكنه خصّها بالشبهات الوجوبية بدعوى أنه قد ثبت الأمر بالتوقف وترك الاقتحام في الشبهات التحريمية بالأخبار الواردة في تثليث الامور وغيرها ، وقال : لو وجب الاحتياط في الشبهات الوجوبية أيضا لزم التكليف بما لا يطاق ، إذ كثير من الأفعال أمرها دائر بين الوجوب والحرمة ، ولذا لا يجب الاحتياط في الشبهة الوجوبية إلّا إذا علم التكليف في خصوص الواقعة إجمالا كالقصر والتمام والجمعة والظهر وجزاء واحد للصيد الواحد أو جزاءين على شخصين (١).
أقول : لا يخفى ما في كلامه من التعليل لعدم جريان البراءة في الشبهات التحريمية ووجه رفع اليد عن إطلاق الحديث فيها والأخذ به في الشبهات الوجوبية ، ويأتي التعرض لذلك في أدلة القائلين بوجوب الاحتياط.
وربما يقال : بأن الحديث كحديث الرفع يعم الشبهات الموضوعية أيضا ، حيث إن الله لو تعلّقت مشيئته بعدم كون علمها محجوبا لأوجد مقدمات العلم بها فمع عدم إيجاد مقدماته يصح إسناد الحجب إلى الله سبحانه.
وفيه ، أن الحديث لا تعم الشبهة الموضوعية فإنه لو تمكن المكلف فيها من العلم بحال الموضوع لا يكون العلم بها محجوبا من قبل الله سبحانه ، فالحجب مستند فيها إلى نفس المكلف ، بل لا يعمّها بعد الفحص وعدم العلم بها أيضا ، فإن
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٧ : ١٦٣ ، ذيل الحديث ٣٣.