إن قلت : إنما يوجب العلم بقيام الطرق المثبتة له بمقدار المعلوم بالإجمال ذلك إذا كان قضية قيام الطريق على تكليف موجبا لثبوته فعلا ، وأما بناء على أن قضية حجيته واعتباره شرعا ليس إلّا ترتيب ما للطريق المعتبر عقلا ، وهو تنجز ما أصابه والعذر عما أخطأ عنه ، فلا انحلال لما علم بالإجمال أولا ، كما لا يخفى.
______________________________________________________
الموارد الخالية عن العلم والأمارة شكا بدويا فيجري فيها الاصول ولو كانت نافية ، وبيان ذلك أن العلم الإجمالي المركب من قضيتين شرطيتين على سبيل مانعة الخلو إذا خرج إلى قضية حملية معلومة بالتفصيل وإلى قضية حملية مشكوكة كما هو الحال في موارد انحلاله إلى علم تفصيلي وشك بدوي لا يبقى العلم الإجمالي لا محالة وكما لو علم بغصبية بعض الغنم من القطيع المركب من السود والبيض ثم علم بأن بعض أفراده معينا غصبا ، ـ بحيث يحتمل انحصار المغصوب من القطيع عليه ـ تجري أصالة عدم الغصب والحلية في غيرها ، كذلك فيما إذا قامت البينة على كون البعض المعين منها غصبا فإن البينة القائمة بحرمة البعض المعين علم تفصيلي بحرمته ، ويمكن أن يكون مراد الشيخ الأنصاري في جوابه الثاني هذا المعنى ، وأما جوابه الأول فيرجع إلى منعه عن فعلية التكاليف الواقعية في الوقائع في غير موارد الطرق والأمارات المثبتة للتكاليف على مقتضى ما سلكه في الجمع بين الأحكام الواقعية في الوقائع ، وبين اعتبار الأمارات والاصول ، فإن ثبوت الأحكام الواقعية في الوقائع من غير موارد الطرق والأمارات إنشائية فلا يكون العلم الإجمالي بالتكاليف فيها إجمالا من العلم الإجمالي المنجّز.
لا يقال : بناء على كون اعتبار الطريق اعتباره علما تكون الأمارة القائمة بالتكليف في كل مورد علما بالتكليف ، ولكن هذا العلم الحادث لا يوجب انحصار المعلوم بالإجمال على موارد قيامها ولا زوال العلم الإجمالي السابق الموجب