ولا أقل من الوقف وعدم استقلاله ، لا به ولا بالإباحة ، ولم يثبت شرعا إباحة ما اشتبه حرمته ، فإن ما دلّ على الإباحة معارض بما دل على وجوب التوقف أو الاحتياط.
وفيه أولا : إنه لا وجه للاستدلال بما هو محل الخلاف والاشكال ، وإلّا لصح الاستدلال على البراءة بما قيل من كون تلك الأفعال على الإباحة.
وثانيا : إنه ثبت الإباحة شرعا ، لما عرفت من عدم صلاحية ما دلّ على التوقف أو الاحتياط ، للمعارضة لما دلّ عليها.
وثالثا : أنه لا يستلزم القول بالوقف في تلك المسألة ، للقول بالاحتياط في هذه المسألة ، لاحتمال أن يقال معه بالبراءة لقاعدة قبح العقاب بلا بيان ، وما قيل ـ من أن الإقدام على ما لا يؤمن المفسدة فيه كالإقدام على ما يعلم فيه المفسدة ـ ممنوع ، ولو قيل بوجوب دفع الضرر المحتمل ، فإن المفسدة المحتملة في المشتبه ليس بضرر غالبا ، ضرورة أن المصالح والمفاسد التي هي مناطات الأحكام ليست براجعة إلى المنافع والمضار ، بل ربما يكون المصلحة فيما فيه الضرر ، والمفسدة فيما فيه المنفعة ، واحتمال أن يكون في المشتبه ضرر ضعيف غالبا لا يعتنى به قطعا ، مع أن الضرر ليس دائما مما يجب التحرز عنه عقلا ، بل يجب ارتكابه أحيانا فيما كان
______________________________________________________
الإباحة ، بل يؤخذ بالبراءة العقلية ؛ لأنّ مسألة كون الأشياء على الحظر أو الإباحة راجعة إلى حكم العقل مع قطع النظر عن تشريع الأحكام والتكاليف ، ومسألة قبح العقاب بلا بيان حكم العقل بعد تشريع الأحكام والتكاليف ، والمقام من صغريات الثاني ، وأما دعوى أن المقام يدخل في صغرى لزوم دفع الضرر المحتمل أو قاعدة استقلال العقل بدفع احتمال المفسدة المحتملة في الارتكاب فقد تقدم الكلام في كل منهما فلا نعيد.