حينئذ ، لعدم التمكن من قصد القربة المعتبر فيها ، وقد عرفت أنه فاسد ، وإنما اعتبر قصد القربة فيها عقلا لأجل أن الغرض منها لا يكاد يحصل بدونه.
وعليه كان جريان الاحتياط فيه بمكان من الإمكان ، ضرورة التمكن من الإتيان بما احتمل وجوبه بتمامه وكماله ، غاية الأمر أنه لا بد أن يؤتى به على نحو لو كان مأمورا به لكان مقربا ، بأن يؤتى به بداعي احتمال الأمر أو احتمال كونه محبوبا له تعالى ، فيقع حينئذ على تقدير الأمر به امتثالا لأمره تعالى ، وعلى تقدير عدمه انقيادا لجنابه (تبارك وتعالى) ، ويستحق الثواب على كل حال إما على الطاعة أو الانقياد.
وقد انقدح بذلك أنه لا حاجة في جريانه في العبادات إلى تعلق أمر بها ، بل لو فرض تعلقه بها لما كان من الاحتياط بشيء ، بل كسائر ما علم وجوبه أو استحبابه
______________________________________________________
مستحب وإذا صلى نيابة عنه بداعوية الأمر الاستحبابي يتحقق قصد التقرب ، وإذا آجر نفسه على القضاء عنه يكون متعلق الأمر بالإجارة ووجوب الوفاء بها عين متعلق ذلك الأمر الاستحبابي المتعلق بالنيابة فيكتسب الوجوب الآتي من قبل عقد الإجارة متحدا مع الأمر النفسي المتعلق بالنيابة نظير اتحاد متعلق وجوب الوفاء بالنذر مع متعلق الأمر بصلاة الليل ، ولكن قد لا يكون ذلك الأمر النفسي ، ومع ذلك تصح النيابة عن الغير وتصح الإجارة ويتحقق قصد التقرب في عمل الأجير أيضا كما في بعث المستطيع الذي صار عاجزا عن المباشرة للغير في الحج عنه في حجة الإسلام ، فإن البعث تكليف للعاجز والنيابة عنه بلا بعثه بإجارة أو غيرها غير صحيحة ، والسر في ذلك أن مع قيام الدليل على مشروعية البعث ، لا بد من الحكم بصحة النيابة عنه في الحج ، ومجرد قصد النائب الحج عنه وفاء لعقد الإجارة يوجب تحقق قصد التقرب