.................................................................................................
______________________________________________________
ورابعها : التخيير في الواقعة بين الفعل والترك بتخيير عقلي قهري لعدم خلو الإنسان من الفعل أو الترك من غير أن يحكم الفعل بالبراءة عقلا وشرعا ، وخامسها : التخيير العقلي القهري مع الحكم بإباحة الفعل ظاهرا بأدلة الحل ، والأخير مختار الماتن قدسسره ولكن الصحيح على ما نذكر هو الوجه الأول ؛ لأنّ كلا من الوجوب والحرمة تكليف محتمل ولم يتم له البيان ، فيكون العقاب على خصوص أحدهما لو اتفق واقعا قبيحا كما يجري بالإضافة إلى كل من المحتملين ، قوله صلىاللهعليهوآله : «رفع عن امتي ما لا يعملون» (١). ودعوى أنه لا مجال في الواقعة لقاعدة قبح العقاب بلا بيان ، حيث لا قصور في المقام في ناحية البيان. فإن العلم الإجمالي بيان وإنما يكون عدم تنجز التكليف لعدم التمكن من الموافقة القطعية كالمخالفة القطعية ، ولذا لو كان متمكنا من الاحتياط كما إذا علم إجمالا بوجوب فعل أو حرمة الآخر لزم الإتيان بالأول ، وترك الثاني إحرازا لموافقة التكليف المعلوم بالإجمال لا يمكن المساعدة عليها ؛ لما تقدم من أن المراد من البيان في قاعدة قبح العقاب بلا بيان هو المصحح للعقاب على المخالفة ، ومن الظاهر أن العلم الإجمالي بالإلزام الجامع بين الوجوب والحرمة مع وحدة المتعلق كما هو المفروض في دوران الأمر بين المحذورين لا يصحح العقاب على مخالفة خصوص أحد المحتملين ، بخلاف ما إذا كان العلم الإجمالي بأحدهما مع تعدد المتعلق كما في المثال ، كما أن دعوى أنه لا مجال في المقام للبراءة الشرعية ؛ لأنّ جعل الحكم الظاهري إنما يصح إذا لم يعلم بمخالفته الواقع ، وأن يكون لذلك الحكم الظاهري أثر عملي.
__________________
(١) وسائل الشيعة ١٥ : ٣٧٠ ، الباب ٥٦ من أبواب جهاد النفس ، الحديث ٣.