.................................................................................................
______________________________________________________
وبتعبير آخر إنما تجري البراءة عن التكليف المجهول إذا كان وضعه الظاهري ممكنا ، والوضع الظاهري يكون بإيجاب الاحتياط. وهذا الوضع غير ممكن لعدم إمكان الوضع والاحتياط في الواقعة لا يمكن المساعدة عليها أيضا ؛ لأنّ البراءة الجارية في ناحية الوجوب المحتمل لا يعلم مخالفتها للواقع ، وكذلك أصالة البراءة الجارية في ناحية خصوص الحرمة المحتملة ، والعلم الإجمالي بمخالفة أحدهما للواقع مع عدم إمكان إحراز المخالفة وعدم امكان الموافقة القطعية غير مانع من جريان الأصل ، والأثر المترتب على البراءة ، في كل من المحتملين عدم لزوم رعاية كل منهما بخصوصه.
وعلى الجملة الوضع في خصوص أحد المحتملين ممكن ، يرفع احتماله بأصالة البراءة الجارية في كل منهما ، وإنما لا يمكن وضعهما معا ، ولا يعتبر في جريان البراءة في خصوص تكليف محتمل إمكان وضع تكليف آخر محتمل معه ، ثم إنه إن كان مراد الماتن من أصالة الإباحة أصالة البراءة في كل من الوجوب المحتمل والحرمة المحتملة فهو صحيح كما ذكرنا ، وإن أراد الحلية المقابلة للحرمة والوجوب فهي للعلم بعدمها واقعا غير ممكن ، والحلية المستفادة من قوله عليهالسلام «كل شيء هو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه» (١) هي الحلية المقابلة للحرمة فقط ، ومع جريانها في المقام يبقي احتمال الوجوب ، فلا بد من نفي احتمال لزوم رعايته من التمسك بأصالة البراءة.
وأما الأخذ بجانب الحرمة المحتملة بدعوى أن دفع المفسدة أولى من جلب
__________________
(١) الكافي ٥ : ٣١٣ ، الحديث ٤٠. مع اختلاف يسير.