الترجيح تعيينا ، أو التخيير تخييرا ، وأين ذلك مما إذا لم يكن المطلوب إلّا الأخذ بخصوص ما صدر واقعا؟ وهو حاصل ، والأخذ بخصوص أحدهما ربما لا يكون إليه بموصل.
نعم ، لو كان التخيير بين الخبرين لأجل إبدائهما احتمال الوجوب والحرمة ، وإحداثهما الترديد بينهما ، لكان القياس في محله ، لدلالة الدليل على التخيير بينهما على التخيير هاهنا ، فتأمل جيدا.
ولا مجال ـ هاهنا ـ لقاعدة قبح العقاب بلا بيان ، فإنه لا قصور فيه ـ هاهنا ـ وإنما يكون عدم تنجز التكليف لعدم التمكن من الموافقة القطعية كمخالفتها ،
______________________________________________________
إعادتها ، مقتضى الاستصحاب في عدم تحقق الصلاة المأمور بها الموضوع لبقاء التكليف بها كما لا يخفى.
ثم إنه قد تعجب المحقق العراقي قدسسره مما ذكره الماتن في صورة كون أحد التكليفين أو كليهما تعبديا من لزوم اختيار أحد الاحتمالين والإتيان بالفعل بنحو التقرب أو الترك رأسا ، حيث التزم في بحث الاضطرار إلى ارتكاب أحد الأطراف بسقوط العلم الإجمالي عن التأثير رأسا ، فلا بأس بارتكاب باقي الأطراف بعد ارتكابه أحدها لاضطراره سواء كان الاضطرار إلى معين منها أو إلى غير معين ، وفيما نحن فيه حيث إن المكلف مضطر إلى ترك الموافقة القطعية فلا بأس بعدم رعايته العلم الإجمالي أصلا ، ولكن الظاهر أن عجبه قدسسره في غير محله ، وبيان ذلك أن الماتن قدسسره قد بنى في بحث الاضطرار إلى بعض أطراف العلم معينا أو غير معين ، على أن المعين أو ما يدفع به الاضطرار محلل واقعا عند الارتكاب كما هو مقتضى حديث رفع الاضطرار ، وقولهم عليهمالسلام : ما من محرم إلّا وقد أحلّه الاضطرار (١) ، وبعد فرض أن ما
__________________
(١) وسائل الشيعة ٢٣ : ٢٢٨ ، الباب ١٢ من أبواب كتاب الإيمان ، الحديث ١٨.