الحرمة والآخر على الوجوب ـ باطل ، فإن التخيير بينهما على تقدير كون الأخبار حجة من باب السببية يكون على القاعدة ، ومن جهة التخيير بين الواجبين المتزاحمين ، وعلى تقدير أنها من باب الطريقية فإنه وإن كان على خلاف القاعدة ، إلّا أن أحدهما ـ تعيينا أو تخييرا ـ حيث كان واجدا لما هو المناط للطريقية من احتمال الإصابة مع اجتماع سائر الشرائط ، صار حجة في هذه الصورة بأدلة
______________________________________________________
على موارد إمكان الموافقة القطعية والمخالفة القطعية معا ، ولذا لو علم المكلف بوجوب أحد الضدين الذين لهما ثالث ليس له تركهما باختيار الثالث ، فإنه كما لا يصح من المولى الحكيم الترخيص القطعي في المخالفة القطعية للتكليف في صورة إمكان موافقته القطعية كذلك لا يصح مع عدم إمكان الموافقة القطعية ، فقد ظهر مما ذكر عدم جريان أصالة الإباحة في دوران الأمر بين وجوب الفعل تعبديا أو حرمته لمعارضتها بأصالة البراءة عن وجوبه.
وعلى الجملة أصالة الحلية والبراءة عن الحرمة تعارضها أصالة البراءة في وجوبه ، لكون جريانهما في ناحية كل منهما ترخيص قطعي في المخالفة القطعية للتكليف الواصل ، ولا يقاس بدوران أمر الفعل بين الوجوب والحرمة التوصليين ، ويلحق بالمقام في دوران الأمر بين كون شيء جزءا أو مانعا عن العبادة ، كما إذا شك في السجدة الثانية بعد الأخذ في القيام حيث يحتمل كونه دخولا في الغير فلا يعتني بالشك ولو رجع إلى السجدة تكون صلاته باطلة لزيادة السجدة عمدا ، أو أنه لا يعدّ دخولا في الغير فيجب الرجوع إليها ، فإن قلنا بعدم جواز إبطال الصلاة حتى في مثل الفرض فعليه إتمام الصلاة بأحد الاحتمالين ، وإعادة تلك الصلاة ثانيا ؛ لأنّ العلم الإجمالي بوجوب الرجوع مع قصد التقرب أو عدم جوازه وإن لا تكون موافقة قطعية بالأخذ بأحد الاحتمالين إلّا أنه يمكن إحراز موافقتها بالإعادة بعد إتمامها ولزوم