فانقدح أنه لا وجه لتخصيص المورد بالتوصليين بالنسبة إلى ما هو المهم في المقام ، وإن اختص بعض الوجوه بهما ، كما لا يخفى.
ولا يذهب عليك أن استقلال العقل بالتخيير إنما هو فيما لا يحتمل الترجيح في أحدهما على التعيين ، ومع احتماله لا يبعد دعوى استقلاله بتعيينه كما هو الحال في دوران الأمر بين التخيير والتعيين في غير المقام ، ولكن الترجيح إنما يكون لشدة الطلب في أحدهما ، وزيادته على الطلب في الآخر بما لا يجوز الإخلال بها في صورة المزاحمة ، ووجب الترجيح بها ، وكذا وجب ترجيح احتمال ذي المزية في صورة الدوران.
ولا وجه لترجيح احتمال الحرمة مطلقا ، لأجل أن دفع المفسدة أولى من ترك المصلحة ، ضرورة أنه رب واجب يكون مقدّما على الحرام في صورة المزاحمة بلا كلام ، فكيف يقدّم على احتماله احتماله في صورة الدوران بين مثليهما؟ فافهم.
______________________________________________________
واشتبهت الجمعتان فإنّه في مثل ذلك يكون لزوم الوفاء بالحلف فعليا مع تحقق الحلف ، والتأخر في زمان الوفاء والوطء في كل من الليلتين ، وإن دار أمره بين الوجوب والحرمة إلّا أنه لا يجوز للمكلف الفعل في كل منهما أو الترك فيهما معا ؛ لأنه يحرز معه المخالفة القطعية لأحد التكليفين ، واحراز الموافقة القطعية معها لا يوجب جوازها لما ذكرنا من أن الحاكم بلزوم الموافقة القطعية هو العقل بملاك دفع الضرر المحتمل ، ولا يحكم به العقل مع لزوم المخالفة القطعية التي هي للتكليف الآخر.
وقد ذكر المحقق النائينى قدسسره بلزوم رعاية الموافقة القطعية في ناحية أحد التكليفين إذا كان أهم من الآخر أو محتمل الأهمية ، بدعوى أنه كما يقع التزاحم بين التكليفين في مقام الامتثال فيقدم فيه جانب التكليف الأهم أو محتمل الأهمية ،