نفس إنشاء الأمر به طريقيا.
والآخر واقعي حقيقي عن مصلحة أو مفسدة في متعلقه ، موجبة لإرادته أو كراهته ، الموجبة لإنشائه بعثا أو زجرا في بعض المبادئ العالية ، وإن لم يكن في المبدأ الأعلى إلّا العلم بالمصلحة أو المفسدة ـ كما أشرنا ـ فلا يلزم أيضا اجتماع إرادة وكراهة ، وإنما لزم إنشاء حكم واقعي حقيقي بعثا وزجرا ، وإنشاء حكم آخر طريقي ، ولا مضادة بين الإنشاءين فيما إذا اختلفا ، ولا يكون من اجتماع المثلين فيما اتفقا ، ولا إرادة ولا كراهة أصلا إلّا بالنسبة إلى متعلق الحكم الواقعي ، فافهم.
______________________________________________________
الواقعية تكون فعلية مع عدم فرض إرادة من المولى متعلقه بالفعل أو الترك.
وأما ما ذكره المحقق الاصبهاني قدسسره في وجه عدم تعلق الإرادة من الله سبحانه بأفعال العباد وكذلك لا تتعلق الإرادة بها في نفس النبوي والولوي بأن الشوق إنما يتعلق بالشيء إذا كان فيه جهة راجعة إلى المشتاق وأفعال العباد لا يعود صلاحها وفسادها إلّا إليهم ، فلا معنى لانقداح الإرادة في النفس النبوية والولوية فضلا عن المبدأ الأعلى فحصول الشوق الأكيد بالإضافة إلى فعل المكلفين على حد حصول المعلول بلا علة.
فقد ذكرنا في بحث الطلب والإرادة أن الإرادة ليست شوقا مؤكدا ، والشاهد صدور الفعل واختياره عن شخص من غير أن يكون اشتياق له بالإضافة إلى نفس ذلك الفعل ، أو إلى ما يترتب عليه ، بل الإرادة استعمال القدرة في أحد طرفي الشيء فإرادة الله سبحانه تتعلّق بكون العباد مختارين في أفعالهم التي تقع موردا للاحكام وللتكاليف كما تتعلق بالتكاليف التي جعلها في حقهم ، واستعمال العباد القدرة المعطاة لهم بحكمته سبحانه في أحد طرفي الفعل مستند إليهم لا إلى الله سبحانه وإن أردت التوضيح فراجع بحث الطلب والإرادة.