يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ ) (١) فلمّا نزلت هذه الآية كان النّاس إذا أصابوا طعام نبيّهم صلىاللهعليهوآله لم يلبثوا أن يخرجوا.
قال : فلبث رسول الله صلىاللهعليهوآله سبعة أيّام ولياليهنّ عند زينب بنت جحش ، ثمّ تحوّل إلى بيت اُمّ سلمة إبنة أبي اُميّة ، وكان ليلتها وصبيحة يومها من رسول الله صلىاللهعليهوآله ، قال : فلمّا تعالى النّهار انتهى علي عليهالسلام إلى الباب فدقّه دقّاً خفيفاً له عرف رسول الله صلىاللهعليهوآله دقّه وأنكرته اُمّ سلمة ، فقال : يا اُمّ سلمة ، قومي فافتحي له الباب.
فقالت : يا رسول الله ، من هذا الذي يبلغ من خطره أن أقوم له فأفتح له الباب وقد نزل فينا بالأمس ما قد نزل من قول الله عزوجل : ( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ ) (٢) فمن هذا الذي بلغ من خطره أن أستقبله بمحاسني ومعاصمي؟
قال : فقال لها رسول الله صلىاللهعليهوآله كهيئة المغضب ـ : من يطع الرسول فقد أطاع الله ، قومي فافتحي له الباب ، فإنّ بالباب رجلاً ليس بالخرق (٣) ولا بالنزق (٤) ولا بالعجول في أمره ، يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله ، وليس بفاتح الباب حتّى يتوارى عنه الوطء.
فقامت اُمّ سلمة وهي لا تدري من بالباب غير أنّها قد حفظت النَّعت والمدح ، فمشت نحو الباب وهي تقول : بخ بخ لرجل (٥) يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله ، ففتحت له الباب ، قال : فأمسك بعضادتي
__________________
(١ و٢) سورة الأحزاب ٣٣ : ٥٣.
(٣) خَرِق الرجل خَرَقاً : إذا دهش من حياء أو خوف ، وخَرُق بالشيء : إذا لم يعرف عمله بيده .المصباح المنير : ١٦٧ / خرق.
(٤) النّزق : الخِفّة والطيش. الصحاح ٤ : ٣٢٦ / نزق.
(٥) في «ن ، ل» : برجل.