( يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي ) ، ولم يقل : يابن أبي؟
فقال : «إنّ العداوات بين الإخوة أكثرها تكون إذا كانوا بني علاّت (١) ، ومتى كانوا بني اُمّ قلّت العداوة بينهم ، إلاّ أن ينزغ (٢) الشيطان بينهم فيطيعوه ، فقال هارون لأخيه موسى : يا أخي ، الذي ولدته اُمّي ولم تلدني غير اُمّه لا تأخذبلحيتي ولا برأسي ، ولم يقل : يابن أبي؛ لأنّ بَنِي الأب إذا كانت اُمّهاتهم شتّى لم تستبعد (٣) العداوة بينهم إلاّ من عصمه الله منهم ، وإنّما تستبعد (٤) العداوة بين بني اُمّ واحدة».
قال : قلت له : فَلِمَ أخذ برأسه يجرّه إليه وبلحيته ، ولم يكن له في اتّخاذهم العِجْل وعبادتهم له ذنب؟
فقال : «إنّما فعل ذلك به؛ لأنّه لم يفارقهم لمّا فعلوا ذلك ولم يلحق بموسى ، وكان إذا فارقهم ينزل بهم العذاب ، ألا ترى أنّه قال له موسى : ( يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا * لَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي ) (٥) ؟ قال هارون : لو فعلت ذلك لتفرّقوا وإنّي (٦) خشيت أن تقول لي : ( فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِى ) (٧) » (٨) .
قال مصنّف هذا الكتاب رحمهالله : أخذ موسى برأس أخيه ولحيته : أخذه
__________________
(١) ورد في حاشية «ج» : ومنه الحديث يتوارث بنو الأعيان من الإخوة دون بني العلاّت ، أي يتوارث الاُخوة لأب وأمّ دون الاُخوة لأب إذا اجتمعوا معهم. النهاية في غريب الحديث ٣ : ٢٦٣.
(٢) في المطبوع و«س ، ع ، ح ، ج» : ينزع ، وما أثبتناه من «ش ، ن ، ل» والبحار.
(٣و٤) في المطبوع و«س ، ش ، ل ، ح» : تستبدع ، وما أثبتناه من «ح ، ع» والبحار.
(٥) سورة طه ٢٠ : ٩٢ و٩٣.
(٦) في «ح ، ش ، ن ، ج» : وإنّني.
(٧) سورة طه ٢٠ : ٩٤.
(٨) نقله المجلسي عن العلل في بحار الأنوار ١٣ : ٢١٩ / ١٤.