الملائكة بتسبيحنا ونزّهته عن صفاتنا ، فلمّا شاهدوا عِظَمَ شأننا هلّلنا؛ لتعلم الملائكة أن لا إله إلاّ الله ، وإنّا عبيد ولسنا بآلهة يجب أن نُعبد معه أو دونه ، فقالوا : لا إله إلاّ الله ، فلمّا شاهدوا كِبَر محلّنا كبّرنا؛ لتعلم الملائكة أنّ الله أكبر من أن يُنال عظم المحلّ إلاّ به ، فلمّا شاهدوا ما جعله (١) لنا من العزّ والقوّة قلنا : لا حول ولا قوّة إلاّ بالله؛ لتعلم الملائكة أن لا حول لنا ولا قوّة إلاّ بالله ، فلمّا شاهدوا ما أنعم الله به علينا وأوجبه لنا من فرض الطاعة قلنا : الحمد لله؛ لتعلم الملائكة مايحقّ لله تعالى ذكره علينا من الحمد على نعمه (٢) ، فقالت الملائكة : الحمد لله فبنا اهتدوا إلى معرفة توحيد الله وتسبيحه وتهليله و تحميد هو تمجيده .
ثمّ إنّ الله تبارك وتعالى خلق آدم فأودعنا صلبه وأمر الملائكة بالسجودله تعظيماً لنا وإكراماً ، وكان سجودهم للهعزوجلعبوديّة ولآدم إكراماً وطاعة؛ لكوننا في صلبه ، فكيف لا نكون أفضل من الملائكة وقد سجدوا لآدم كلّهم أجمعون ، وانّه لمّا عرج بي إلى السماء أذّن جبرئيل مثنى مثنى ، وأقام مثنى مثنى ، ثمّ قال لي : تقدّم يامحمّد ، فقلت له : ياجبرئيل ، أتقدّم عليك! فقال : نعم؛ لأنّ الله تبارك وتعالى فضّل أنبياءه على ملائكته أجمعين ، وفضّلك خاصة ، فتقدّمت فصلّيت بهم ولا فخر.
فلمّا انتهيت إلى حجب النور ، قال لي جبرئيل : تقدّم يامحمّد ، وتخلّف عنّي ، فقلت : ياجبرئيل ، في مثل هذا الموضع تفارقني؟ فقال : يامحمّد ، إنّ انتهاء حدّي الذي وضعني الله عزوجل فيه إلى هذا المكان ،
__________________
(١) في المطبوع : ما جعله الله ، وما في المتن أثبتناه من النسخ.
(٢) في المطبوع وفي «ن ، ج» : نعمته ، وما في المتن من «ع ، س ، ح ، ش» وحاشية «ج».