في ملكوته الأعلى في أرفع محلٍّ ؟
فقال عليهالسلام : «إنّ الله تبارك وتعالى علم أنّ الأرواح في شرفها وعلوّها متى [ ما ] (١) تُركت على حالها نزع (٢) أكثرها إلى دعوى الربوبيّة دونه عزوجل ، فجعلها بقدرته في الأبدان التي قدّر لها في ابتداء التقدير نظراً لها ورحمة بها ، وأحوج بعضها إلى بعض ، وعلّق بعضها على بعض ، ورفع بعضها على بعض (٣) ، ورفع بعضها فوق بعض درجات (٤) ، وكفى بعضها ببعض ، وبعث إليهم رسله ، واتّخذ عليهم حججه مبشّرين ومنذرين يأمرون بتعاطي العبوديّة ، والتواضع لمعبودهم بالأنواع التي تعبّدهم بها ، ونصب لهم عقوبات في العاجل وعقوبات في الآجل ، ومثوبات في العاجل ومثوبات في الآجل ؛ ليرغّبهم بذلك في الخير ويزهدهم (٥) في الشر ، وليدلّهم بطلب المعاش والمكاسب ، فيعلموا بذلك أنّهم بها مربوبون ، وعباد مخلوقون ، ويُقبلوا على عبادته ، فيستحقّوا بذلك نعيم الأبد ، وجنّة الخلد ، ويأمنوا من الفزع إلى ما ليس لهم بحقّ».
ثمّ قال عليهالسلام : «يابن الفضل ، إنّ الله تبارك وتعالى أحسن نظراً لعباده منهم لأنفسهم ، ألا ترى أنّك لا ترى فيهم إلاّ محبّاً للعلوّ على غيره حتّى يكون (٦) منهم لمن قد نزع إلى دعوى الربوبيّة ، ومنهم من قد نزع إلى دعوى النبوّة بغير حقّها ، ومنهم من قد نزع إلى
__________________
(١) أثبتناها من «ج».
(٢) في «ع» ترع ، وكذلك الموارد التالية ، وما في المتن أثبتناه من «ح ، س ، ن ، ش ، ج»والبحار .
ونزع إلى الشيء نزاعاً : ذهب إليه ، المصباح المنير : ٣٠٩.
(٣) في المطبوع زيادة : في الدنيا.
(٤) في المطبوع زيادة : في الآخرة.
(٥) في المطبوع : ويزيدهم.
(٦) في «ش ، ن ، ح» : أبلونّ ، وفي «ج» : حتّى أنّه يكون.