علماً خصّه به لم يعلّمهم قبل ولا بعد ، وفهمه فهماً لم يفهمهم قبل ولابعد ، ثمّ جعل ذلك العلم الذي علّمه ميراثاً فيه؛ لإقامة الحجج من نسله على نسله ، ثمّ جعل آدم عليهالسلام لرفعة قدره وعلوّ أمره للملائكة الروحانيّين قبلة ، وأقامه لهم محنة (١) ، فابتلاهم بالسجود إليه ، فجعل لا محالة من سُجد له أعلى وأفضل ممّن أسجدهم ؛ ولأنّ من جعل بلوى وحجّة أفضل ممّن حجهم به ، ولأنّ إسجاده جلّوعزّ إيّاهم له خضوع (٢) ، ألزمهم الاتّضاع منهم له والمأمورين بالاتّضاع بالخضوع والخشوع والاستكانة دون من أمرهم بالخضوع له ، ألا ترى إلى من أبى الائتمار لذلك الخضوع ، ولتلك الاستكانة فأبى واستكبر ، ولم يخضع لمن أمره له بالخضوع كيف لعن وطرد عن الولاية ، واُدخل في العداواة ، فلا يرجى (٣) له من كبوته الإقالة (٤) آخر (٥) الأبد ، فرأينا السبب الذي أوجب الله عزوجل لآدم عليهالسلام عليهم فضلاً ، فإذا هو العلم الذي خصّه الله عزوجل دونهم ، فعلّمه الأسماء وبيّن لهم (٦) الأشياء فعلا بعلمه على من لايعلم .
ثمّ أمره جلّ وعزّ أن يسألهم سؤال تنبيه لا سؤال تكليف عمّا علّمه بتعليم الله عزوجل إيّاه ممّا لم يكن علّمهم؛ ليريهم جلّوعزّ علوّ منزلة العلم ورفعة قدره ، كيف خصّ العلم محلاًّ وموضعاً اختاره له ، وأبان ذلك المحلّ عنهم بالرفعة والفضل ، ثمّ علمنا أنّ سؤال آدم عليهالسلام إيّاهم عمّا سألهم
__________________
(١) في المطبوع و«س» : حجة. وما أثبتناه من باقي النسخ.
(٢) في البحار : للخضوع. وما أثبتناه من النسخ.
(٣) في «ن ، ح ، ش» : يوحى.
(٤) في المطبوع زيادة : إلى.
(٥) في «س ، ج ، ش» وحاشية «ن» : أجزء.
(٦) كذا في النسخ ، وفي البحار : له.