بكلّ زمام سبعون ألف ملك ، فلمّا سلّطها الله عزوجل على عاد ، استأذنت خزنة الريح ربّها عزوجل أن يخرج منها في مثل منخري الثور ، ولو أذن الله عزوجل لها ما تركت شيئاً على ظهر الأرض إلاّ أحرقته ، فأوحى الله عزوجل إلى خزنة الريح : أن أخرجوا منها مثل ثقب الخاتم فأُهلكوا بها ، وبها ينسف الله عزوجل الجبال نسفاً ، والتلال والآكام والمدائن والقصور يوم القيامة ، وذلك قوله عزوجل : ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا * فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا * لَّا تَرَىٰ فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا ) (١) ـ والقاع : الذي لا نبات فيه ، والصفصف : الذي لا عوج فيه ، والأمت : المرتفع وإنّما سُمّيت العقيم ؛ لأنّها تلقَّحت بالعذاب وتعقّمت عن الرّحمة كتعقّم الرجل إذاكان عقيماً لا يولد له ، وطحنت تلك القصور ( والحصون ) (٢) والمدائن والمصانع ، حتّى عاد ذلك كلّه رملاً دقيقاً تسفيه الريح ، فذلك قوله عزوجل : ( مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ ) (٣) .
وإنّما كثر الرمل في تلك البلاد؛ لأنّ الريح طحنت تلك البلاد وعصفت عليهم ( سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ) (٤) والحسوم الدائمة ، ويقال المتتابعة : الدائمة وكانت ترفع الرجال والنساء فتهب بهم صعداً ، ثمّ ترمي بهم من الجوّ ، فيقعون على رؤوسهم منكّسين ، تقلع الرجال والنساء من تحت أرجلهم ، ثمّ ترفعهم ، فذلك قوله تعالى : ( تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ
__________________
(١) سورة طه ٢٠ : ١٠٥ ـ ١٠٧.
(٢) ما بين القوسين لم يرد في المطبوع ، وأثبتناه من النسخ والبحار.
(٣) سورة الذاريات ٥١ : ٤٢.
(٤) سورة الحاقّة ٦٩ : ٧.