ولايدفعه (١) إليهم ، فلمّا أيقنوا (٢) به أتوا به غيضة (٣) أشجار ، فقالوا : نذبحه ونلقيه تحت هذه الشجرة ، فيأكله الذئب الليلة ، فقال كبيرهم : ( اتَقْتُلُوا يُوسُفَ وَ ) لكن ( أَلْقُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ ) (٤) ، فانطلقوا به إلى الجُبّ فألقوه فيه وهُم يظنّون أنّه يغرق فيه ، فلمّاصار في قعر الجبّ وناداهم : يا ولدَ رومين ، اقرؤوا يعقوب السلام منّي ، فلمّا سمعوا كلامه قال بعضهم لبعض : لا تزالوا من هاهنا حتّى تعلموا أنه قد مات ، فلم يزالوا بحضرته حتّى أيسوا (٥) ورجعوا إلى أبيهم عشاءًيبكون ، قالوا : ( يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ ) (٦) ، فلمّا سمع مقالتهم استرجع واستعبر وذكر ما أوحى الله عزوجل إليه من الاستعداد للبلاء ، فصبر وأذعن للبلاء وقال لهم : ( بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا ) (٧) وما كان الله ليطعم لحم يوسف للذئب من قبل أن أرى (٨) تأويل رؤياه الصادقة».
قال أبو حمزة : ثمّ انقطع حديث علي بن الحسين عليهالسلام عند هذا ، فلمّا كان من الغد غدوت عليه ، فقلت له : جعلت فداك ، إنّك حدّثتني أمس بحديث ليعقوب (٩) وولده ، ثمّ قطعته ما كان من قصّة إخوة يوسف وقصّة
__________________
(١) في حاشية «ج» : يعيده.
(٢) في المطبوع : أمعنوا ، وما أثبتناه من النسخ.
(٣) الغيضة : مجتمع الشجر. الصحاح ٢ : ٥١٨.
(٤) سورة يوسف ١٢ : ١٠.
(٥) في المطبوع : أمسوا ، وما أثبتناه من النسخ.
(٦) سورة يوسف ١٢ : ١٧.
(٧) سورة يوسف ١٢ : ١٨.
(٨) في المطبوع : رأى ، وما أثبتناه من النسخ والبحار.
(٩) في المطبوع : يعقوب ، وما أثبتناه من النسخ والبحار.