وقال محبّ الله البهاري بعد أنْ ذكر صيغ العموم وعمومها : « لنا جواز الإستثناء ، وهو معيار العموم ».
قال شارحه : « لنا جواز الإستثناء من هذه الصيغ وهو معيار العموم ، أي : الإستثناء معيار عموم المستثنى منه ، وحاصله الإستدلال من الشكل الأول ، يعني : إن هذه الصيغ يجوز الإستثناء منها ، وكلّ ما يجوز الإستثناء منه فهو عام. أمّا الصغرى فلأن من تتبّع وجده كذلك ، قال الله تعالى : ( إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ) (٢) وأما الكبرى فلأن معنى الإستثناء إخراج ما لولا الإستثناء لدخل ألبتة ، ولذلك حملوا قاطبةً إلاّعلى الوصفية في صورة يكون المستثنى منه جمعاً منكوراً غير محصور ، لفقد شرط الإستثناء ، فلا بدّ من الدخول وهو العموم » (٣).
وتلخص :
إنّ الأصوليين على أن الإستثناء دليل العموم ، وعن هذا الطريق يثبتون العموم لصيغ العموم قاطبةً ...
وبهذا الدليل يتم دلالة لفظ « المنزلة » المضاف إلى العَلَم على « العموم » ... ولا نفع لـ ( الدهلوي ) في إنكار ذلك وجحده ...
والألطف من هذا : أن دلالة الإستثناء على العموم ظاهر كلام ( الدهلوي ) نفسه ، فإنّه أيضاً معترف بهذه القاعدة ، حيث يقول : « وصحة الإستثناء تدل على العموم ، إذا كان الإستثناء متّصلاً » فصحة الإستثناء المتصل دليل على العموم ، ومن الواضح جداً صحّة الإستثناء من لفظ « المنزلة » المضاف إلى العلم ، إذ المراد من صحة الإستثناء جواز وروده عليه لا الإستثناء فعلاً.
فلو فرض فرضاً غير واقع عدم كون الإستثناء بـ « إلاّ أنّه لا نبي بعدي »
__________________
(١) فواتح الرحموت في شرح مسلّم الثبوت ١ / ٢٩١ ط هامش المستصفى.