طرفه عن قاعدة وجوب حمل الإستثناء على حقيقته وهو الإتصال ، وعدم جواز حمله على المنقطع الذي هو مجاز؟ وعمّا تقرّر لدى علماء الأمصار من إرجاع الإستثناء إلى المتصل ولو بارتكاب الإضمار وصرف الكلام عن ظاهره؟ مع أنّ هذه القاعدة التي مشى عليها كافة العلماء مذكورة في ( المختصر ) و ( شرح العضدي ) ، وأنّ التفتازاني نفسه شرحها وأوضحها في ( شرحه على شرح العضدي )!! حيث قال ما نصّه :
« قوله : واعلم أنّ الحق ... إشارة إلى الدليل على كونه مجازاً في المنقطع ، وذلك لأنّ المتّصل هو المتبادر إلى الفهم ، فلا يكون الإستثناء يعني صيغته مشتركاً لفظاً ولا موضوعاً للقدر المشترك بين المتّصل والمنقطع ، إذْ ليس أحد معاني المشترك أو أفراد المتواطي أولى بالظهور والمتبادر عند قطع النظر عن عارض شهرة أو كثرة ملاحظة أو نحو ذلك » (١).
فالتفتازاني يوافق العضدي في أن الإستثناء حقيقة في المتّصل ، وأنّ المتصل مقدم على المنقطع ، وأنه يجب حمل الإستثناء على المتّصل ولو بارتكاب الإضمار والصرف عن الظّاهر ...
مضافاً إلى أنّه يمدح كتاب المختصر وشرح العضدي ويصفهما بالأوصاف الجليلة ... ففي ( كشف الظنون ) : « وشرح العلامة سعد الدين التفتازاني المتوفى سنة ٧٩١ أوّله : الحمد لله الذي وفقنا للوصول إلى منتهى اصول الشريعة. الخ. قال : إنّ المختصر يجري من كتب الاصول مجرى الغرة من الكميه الدرة من الحصى والواسطة من العقد. الخ. وكذلك شرح العلاّمة المحقق عضد الدين ، يجري من الشروح مجرى العذب الفرات من البحر الاجاج بين عين الحياة ، لم ير مثله في زبر الأوّلين ، ولم يسمع
__________________
(١) شرح مختصر الاصول ٢ / ١٣٢. الهامش.