أرادوا وليّاً بحق فالله هو الولي بالحق لا وليّ سواه. وكذا قوله : ( يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ ) أصله : فإنْ لم يتأتَّ أنْ تخلصوا العبادة لي في أرض فإيّاي في غيرها اعبدوا فاعبدون ، أي فاخلصوها في غيرها ، فحذف الشرط وعوّض عنه تقديم المفعول ، مع إرادة الإختصاص بالتقديم. وقوله : ( كَلاَّ فَاذْهَبا بِآياتِنا ) أي : ارتدع عن خوف قتلهم ، فاذهبا أي : فاذهب أنت وأخوك بدلالة كلاّ على المطويّ. وقوله : ( إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ ) أصله : إذ يلقون أقلامهم ينظرون ، ليعلموا أيّهم يكفل مريم لدلالة أيّهم على ذاك بوساطة علم النحو. وقوله : ( لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ ) المراد : ليحق الحق ويبطل الباطل فعل ما فعل. وكذا قوله : ( وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ ) أصل الكلام : ولنجعله آيةً فعلنا ما فعلنا. وكذا قوله : ( لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ ) أي لأجل الإدخال في الرحمة كان الكف ومنع التعذيب. وقوله : ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً ) إذا لم يفسّر الحمل بمنع الأمانة والغدر ، وأريد التفسير الثاني وهو تحمل التكليف كان أصل الكلام : وحملها الإنسان ثم خان به منبّهاً عليه بقوله ( إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولاً ) الذي هو توبيخ للإنسان على ما هو عليه من الظلم والجهل في الغالب. وقوله : ( أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً ) تتمّته ذهبت نفسك عليهم حسرة ، فحذفت لدلالة : ( فإن الله يضلّ من يشاء ويهدي من يشاء ) ... » (١).
أقول :
فالعجب من التفتازاني الإمام في علمي الأصول والبلاغة ... كيف يغضي
__________________
(١) مفتاح العلوم : ٢٧٧ ـ ٢٧٩.