ونبيّاً ، وفي هذا دلالة صريحة على أن ظاهر الحديث عموم المنازل ، لكن القاضي ترك هذا الظاهر بسبب انتفاء الاخوة النّسبيّة والنبوة ، وهذا صريح في إبطال توهّم دلالة انتفاء الاخوة والنبوة على انقطاع الإستثناء الذي زعمه ( الدهلوي ).
لأن انتفاء ذلك إنْ كان دالًّا على الإنقطاع ، لم يكن ظاهر الحديث عموم المنازل ، ولم يكن انتفاء الاخوة والنبوّة سبباً لترك الظّاهر ، فإنّ سببيّة الأمرين لترك الظاهر دليل على تحقق هذا الترك ، والترك دليل على تحقق الظاهر ، وتحقّقه ينافي دعوى انقطاع الإستثناء بالضّرورة.
فثبت من اعتراف القاضي الايجي اتّصال الإستثناء في الحديث ، وأنّ لفظ « المنزلة » فيه يدل على عموم المنزلة ، وخروج بعض المنازل لا ينافي اتّصال الإستثناء والدلالة على عموم المنزلة ، بل غاية الأمر ـ بزعم القاضي ـ دلالة خروج الاخوة والنبوة على أنه عام مخصوص ... وسيأتي جواب هذا الزعم فيما بعد إنْ شاء الله تعالى.
وثالثاً : قال الشريف الجرجاني بشرح قول العضد : « كيف والظاهر متروك » ما نصّه : « أي وإنْ فرض أن الحديث يعمُّ المنازل كان عاماً مخصوصاً ، لأن من منازل هارون كونه أخاً نسبياً ونبياً ... » (١).
يفيد هذا الكلام ـ وإنْ اشتمل على تأويلٍ في عبارة العضد بصرف كلمة « الظاهر متروك » عمّا تدل عليه جزماً ، وإرجاعها إلى « الفرض » ـ أن مراد صاحب ( المواقف ) من « الظّاهر » ظهور دلالة الحديث على عموم المنازل ... فيبطل مزعوم ( الدهلوي ).
__________________
(١) شرح المواقف ٨ / ٣٦٣.