زيد خير منه. فكان ما بعد إلاّجملة ابتدائية واقعة صفة لأحد ، وإلاّ لغو في اللفظ ، معطية في المعنى فائدتها ، جاعلة زيداً خيراً من جميع من مررت بهم » قال :
« هذا راجع إلى الإستثناء المفرّغ باعتبار الصفات ، لأنّ التفريغ في الصفات وغيرها. قال الله تعالى : ( وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ لَها مُنْذِرُونَ ) (١) وحكم الجملة والمفرد واحد في الصحّة ، فعلى هذا تقول : ما جاء في أحد إلاّقائم. وما جاء في أحد إلاّ أبوه قائم. وكل ذلك مستقيم.
فإن قيل : معنى الإستثناء المفرّغ نفي الحكم عن كل ما عدا المستثنى. وهذا لا يستقيم في الصفة في : ما جاءنى أحد إلاّراكب. إذ لم تنف جميع الصفات حتى لا يكون عالماً ولا حيّاً مما لا يستقيم أن ينفكّ عنه.
فالجواب من وجهين : أحدهما : إن الصفات لا ينتفي منها إلاّما يمكن انتفاؤه ممّا يضادّ المثبت ، لأنه قد علم أن جميع الصفات لا يصح انتفاؤها ، وإنما الغرض نفي ما يضاد المذكور بعد إلاّ. ولمّا كان ذلك معلوماً اغتفر استعماله بلفظ النفي والإثبات المفيد للحصر. الثاني : أنْ يقال : إنّ هذا الكلام يرد جواباً لمن ينفي تلك الصفة ، فيجاب على قصد المبالغة والردّ جواباً لمن يناقض ما قاله ، لغرض إظهار إثبات تلك الصفة ووضوحها وإظهارها دون غيرها » (١).
أقول :
ونحن نقول في هذا المقام ـ كما قال ابن الحاجب في الجواب الأول ـ إن الغرض من إثبات عموم المنزلة إثبات المنازل الممكن إثباتها ، ولمّا كان معلوماً عدم إمكان إثبات الأفصحية والأكبرية والاخوة النسبية ، لم يضر خروج هذه
__________________
(١) شرح المفصّل ، فصل المنصوب على الاستثناء من مباحث المنصوبات.