وبالعموم الذي يدل عليه المستثنى منه ... كذلك لا يضرّ بعموم المنزلة في الحديث خروج بعض الأفراد غير المتبادرة من المنازل ... ولو كان انتفاء بعض المنازل دليلاً على انقطاع الإستثناء لزم أنْ يكون الإستثناء في مثل : « قرأت إلاّيوم كذا » استثناءاً منقطعاً لا متّصلاً ، لوضوح خروج أيامٍ كثيرة ، وهل ذلك إلاّ أضحوكة؟!
وقال ابن الحاجب في ( منتهى السئول ) : « والغرض من الإستثناء من الأحكام العامة المقدرة لا من المحكوم هو : إثبات الحكم على التحقيق. وكان أصله إمّا على معنى المبالغة ، كأنّ قائلاً قال : ما زيد عالماً ، فقيل : ما زيد إلاّعالم. وإمّا على معنى أنّ ذلك آكدها ».
وقال أيضاً : « الإستثناء من الإثبات نفي وبالعكس ، خلافاً لأبي حنيفة. لنا : النقل. وأيضاً : لو لم يكن لم يكن « لا إله إلاّهو » توحيداً. قالوا : لو كان للزم من « لا علم إلاّبحياة » و « لا صلاة إلاّبطهور » ثبوت العلم والصلاة بمجرّدهما. قلنا : ليس مخرجاً من العلم والصلاة ، فإنْ اختار تقدير الصلاة بطهور اطّرد ، وإنْ اختار لا صلاة بوجه إلاّبذلك فلا يلزم من الشرط المشروط ...
وإنّما الإشكال في النفي الأعم في مثله ، وفي مثل : ما زيد إلاّقائم. إذ لا يستقيم نفي جميع الصفات المعتبرة.
وأجيب بأمرين : أحدهما : إن الغرض المبالغة بذلك. والآخر : إنه آكدها. والقول بأنه منقطع بعيد ، لأنه مفرغ ، وكل مفرغ متصل لأنّه من تمامه » (١).
أقول :
فعلى هذا ، يكون عموم المنزلة ـ مع انتفاء الأفصحية والأكبرية والاخوة
__________________
(١) المختصر في علم الاصول ـ بشرح العضدي ٢ / ١٤٢.