حجّيّته مكابرة محضة ... نصّ على ذلك المحقّقون من أهل السنّة :
قال عبد العزيز البخاري : « قوله : إجماع السلف على الإحتجاج بالعموم.
أي : بالعام الذي خصّ منه ، فإن فاطمة إحتجّت على أبي بكر رضي الله عنهما في ميراثها من النبي صلّى الله عليه وسلّم بعموم قوله تعالى : ( يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ ) (١) الآية. مع أنّ الكافر والقاتل وغيرهما خصّوا منه ، ولم ينكر أحد من الصّحابة احتجاجها به مع ظهوره وشهرته ، بل عدل أبو بكر في حرمانها إلى الإحتجاج بقوله عليه الصلاة والسلام : نحن معاشر الأنبياء لا نورّث ما تركناه صدقة.
وعلى رضياللهعنه احتج على جواز الجمع بين الاختين بملك اليمين بقوله تعالى : ( أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) وقال : أحلّتهما آية مع كون الأخوات والبنات مخصوصة منه.
وكان ذلك مشهوراً فيما بين الصحابة ، ولم يوجد له نكير ، وكذا الإحتجاج بالعمومات المخصوص منها مشهور بين الصحابة ومن بعدهم ، بحيث يعدّ إنكاره من المكابرة ، فكان إجماعاً » (١).
أقول :
ولو كان العام المخصوص غير حجة أو حجةً ضعيفةً ، لزم عدم حجية قوله تعالى : ( اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) أو كونه حجةً ضعيفة ، لوقوع التخصيص في هذه الآية أيضاً. وكذا في قوله عزوجل : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ) ، لأنّ لفظ « الناس » عام يتناول الصبيان والمجانين أيضاً ، وهم خارجون عن المراد قطعاً ، فيلزم أن تكون هذه الآية كذلك حجةً ضعيفة أو لا حجة ... وكذا غيرهما من
__________________
(١) كشف الأسرار في شرح اصول البزدوي ١ / ٦٢٨.