الآيات الكريمة ، وهي كثيرة ...
وقال البيضاوي في بيان المخصِّصات من المتّصل والمنفصل : « والمنفصل ثلاثة : الأول العقل ، كقوله : ( اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) والثاني : الحس ، مثل ( وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ) الثالث : الدليل السمعي ».
قال شارحه الفرغاني : « والمخصص للعام المنفصل عنه ، وهو ما لا يتعلّق به تعلّقاً لفظياً ثلاثة أقسام : لأنّ الدليل المنفصل إمّا سمعي شرعي أو لا. والثاني إمّا أنْ يكون عقلياً أو حسيّاً. القسم الأول : وهو ما يكون مخصص العام العقل ، وتخصيصه إيّاه قد يكون بالبداهية كقوله : ( اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ) فالشيء عام يتناوله ذاته ، ويعلم ضرورة أنه ليس خالقاً لذاته ، وقد يكون بالنظر كقوله تعالى : ( وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ ) فإن لفظ الناس متناول للصبيان والمجانين ، مع أنّهم ليسوا المرادين بنظر العقل ، لانتفاء شرط التكليف في حقهم وهو الفهم. القسم الثاني : ما يكون مخصّص العام الحس ، مثل قوله : ( وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ) فإن الشيء عام يتناول السماء والأرض والشمس والقمر والعرش والكرسي مثلاً. والحس يخصّصه ، إذ يعلم حساً أنها لم تؤتَ من هذه المذكورات شيئاً » (١).
وقال السيوطي في ذكر أحكام العام المخصوص : « وأمّا المخصوص فأمثلته في القرآن كثيرة جداً ، وهي أكثر من المنسوخ ، إذ ما من عامٍ فيه إلاّ وقد خص. ثم المخصّص له إما متصل وإمّا منفصل ... والمنفصل آية أخرى في محلٍّ آخر ، أو حديث ، أو إجماع ، أو قياس.
فمن أمثلة ما خصَّ بالقرآن : قوله تعالى : ( وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ
__________________
(١) شرح المنهاج للعبري الفرغاني ـ الفصل الثالث : في المخصص ، من الباب الثالث : في العموم والخصوص ـ مخطوط.