البحث الثالث : الاستطاعة ، والمراد بها : الزاد والراحلة.
اما الزاد : فهو أن يملك ما يمونه من القوت والمشروب بقدر حاله الى الحج ، والى الإياب إلى وطنه وإن لم يكن له أهل ، فاضلا عن حاجته من المسكن ، وعبد الخدمة ، وثياب البذلة ، والتجمل ، ونفقة عياله إلى الإياب.
______________________________________________________
أمّا الصوم فلأنّ الكفارة بغيره لا يتصوّر وجوبها عليه ، لعدم ملكه ، ولا على المولى خلافا للمفيد (١) ، لأنّ المأذون فيه هو الحجّ ، لا إفساده.
وليس الإفساد من لوازم معنى الحجّ ، بل من منافيات المأذون فيه ، لأنّ الإذن في الفعل الخالي عن موجبات الكفارة ـ حيث أنّ الإذن في العبادة الموجبة للثواب ـ دون ما يترتب العقاب على فعله ، ومن ثم تبيّن عدم وجوب تمكين السيّد من الصوم.
وأمّا القضاء فالفرق بينه وبين الكفارة : أنّ القضاء هل هو الفرض ، والفاسد هو العقوبة ، أو بالعكس؟ فعلى الثاني لا يجب التمكين ، لمثل ما قلناه سابقا ، وعلى الأوّل يحتمل الوجوب ، لأنّ الإذن بمقتضى الإفساد انصرف الى القضاء ، وقد لزم بالشروع فلزمه التمكين. ويحتمل العدم ، لأنّه وإن كان هو الفرض إلاّ أنّ الإذن إنّما يتناول الأوّل خاصة ، وهو الّذي حصل بالشّروع فيه ، وليس للاذن بالحج دلالة على القضاء بوجه من الوجوه ، والأصحّ عدم الوجوب.
قوله : ( أما الزّاد فهو أن يملك ... ).
فيه تسامح ، لأن ملك ذلك ليس هو الزاد.
قوله : ( وثياب البذلة ).
بالكسر : ما يبتذل ، أي : يمتهن ولا يصان.
__________________
(١) المقنعة : ٦٩.