وللفقهاء الحكم بين الناس مع الأمن من الظالمين ، وقسمة الزكوات والأخماس ، والإفتاء بشرط استجماعهم لصفات المفتي ، وهي : الايمان ، والعدالة ، ومعرفة الأحكام بالدليل ، والقدرة على استنباط المتجددات من الفروع من أصولها.
ويفتقر في معرفة الأحكام الى معرفة الآيات المتعلقة بالشرع ، وهي نحو من خمسمائة آية ، والى ما يتعلق بالأحكام من الأحاديث ، ومعرفة الرواة ، وأقاويل الفقهاء لئلا يخرج عن الإجماع ، ومعرفة أصول الفقه والكلام ، وشرائط البرهان ، وما يتعلق بالأخبار من النحو واللغة والتصريف.
ولا يشترط حفظ الآيات والأحاديث ، بل قدرته على الرجوع إليها من مظانها ، والإخلاد إلى أصل مصحح ، وروايتها عن عدل بإسناد متصل كذلك الى إمام.
ويجب على الناس مساعدتهم ، والترافع إليهم في الأحكام ، فمن امتنع على خصمه وأثر المضي إلى حكام الجور كان مأثوما. ولا يحل لفاقد الشرائط أو
______________________________________________________
جزم بأن للفقهاء في حال الغيبة إقامة الحدود ، فلو اعتبر صفات الحكم هنا لم يكن للنظر وجه. وقد استدل له : بأنه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وليس بواضح ، لأن الحكم والإفتاء واقامة الحدود باب منفرد عن باب الأمر والنهي ، وقد سبق في الأمر والنهي ما ينبه على ذلك ، والأصح : أنه إنما يجوز إذا كان بصفات الحكم.
قوله : ( ومعرفة الأحكام بالدليل ).
إن أراد به : معرفتها بالفعل منعناه ، فان ذلك غير شرط في تحقق الاجتهاد ، وإن أراد : بالقوة القريبة من الفعل أغنى عنه اشتراط قدرته ( على استنباط المتجددات من الفروع من أصولها ) والجار الأول : متعلق بالمتجددات ، والثاني : بـ ( استنباط ).