لا يهدءون ولا يفترون » (١).
إن الثورات التي فجرتها الشيعة أيام الحكم الأموي والعباسي كانت صدى لفكرتهم التي آمنوا بها وهي تحقيق العدالة الاجتماعية في الأرض والقضاء على جميع ألوان الظلم وضروب الفساد ، وإزالة الغبن الاجتماعي لقد كانت الشيعة من أعظم الفرق والمذاهب الاجتماعية انطلاقا في ميادين الجهاد دفاعا عن كلمة الحق والعدل في الأرض.
وملكت قادة الشيعة رصيدا هائلا من الجرأة والاقدام ، فلم يتهيبوا السلطة ، ولم يخضعوا لجور الحكم وجبروته ، وإنما اندفعوا بكل بسالة وشجاعة إلى مقاومة المنكر وشجب الباطل ... فهذا عبد الله بن عفيف الأزدي صاحب الامام أمير المؤمنين (ع) قد ثار في وجه الطاغية ابن مرجانة حينما خطب بعد قتله لسيد شباب أهل الجنة الامام الحسين (ع) فأظهر الشماتة الآثمة بقتل الامام ، وأعلن سبه أمام تلك الوحوش الكاسرة فرد عليه الشيخ الأزدي وكان أعمى قائلا له :
« إنما الكذاب ابن الكذاب أنت وأبوك ، ومن استعملك وأبوه يا عبد بني علاج ، أتقتلون أبناء النبيين ، وتصعدون على منابر المسلمين!! أين أبناء المهاجرين والأنصار؟ لينتقموا منك ، ومن طاغيتك اللعين ابن اللعين ـ مشيرا إلى يزيد وأبيه معاوية ـ على لسان النبي الأمين ».
وترجمت هذه الكلمات المشرقة ما في عواطف الناس من الأمس المرير
__________________
(١) وعاظ السلاطين ( ص ٢٩٣ ).