جاهليتهم الأولى ، فقد أخذ بعضهم يفخر على بعض بالآباء ، والأنساب ، وقد لوحظت هذه الظاهرة في شعر ذلك العصر الذي يمثل انطباعات ذلك المجتمع فقد تسابق الشعراء إلى الافتخار بالأنساب ، وغدا للهجاء سوق كبير ، ويلحظ ذلك بصورة ظاهرة في شعر الفرزدق وجرير ، فأنك تجد أكثر ما أثر عنهما من الشعر قد كان في هذا الموضوع ، وقد انتهز هذه الفرصة شاعر العلويين الكميت فأشاد بمناقب قومه من مضر وفضلهم على القحطانيين فأثار بذلك الفتنة بين القبائل مما يعتبر عاملا أصيلا في الإطاحة بالحكم الأموي ، وكان مما قاله في مدح قومه وهجاء القحطانيين :
لنا قمر السماء
وكل نجم |
|
تشير إليه أيدي
المهتدينا |
وجدت الله إذ
سمى نزارا |
|
وأسكنهم بمكة
قاطنينا |
لنا جعل المكارم
خالصات |
|
وللناس القفا
ولنا الجبينا |
وما خربت هجائن
من نزار |
|
فوالح من فحول
الاعجمينا |
وما حملوا
الحمير على عتاق |
|
مطهمة فيلفوا
مبغلينا (٢) |
وما ولدت بنات
بني نزار |
|
حلائل أسودين
وأحمرينا |
بنى الأعمام
أنكحنا الايامى |
|
وبالآباء سمينا
البنينا (٣) |
لقد فخر بهذه الأبيات على اليمينة فعيرهم بأنهم يزوجون بناتهم للحبش والفرس فتولد بناتهم السود والحمر ، فكان هذا النسل يشبه تلقيح الحمير للخيل العتاق التي تنتج البغال.
__________________
(١) الهجائن : الحرات الكريمات ، الفوالخ : جمع فالخ ، ويراد به الزوج.
(٢) عتاق مطهمة : يراد بها النساء العربيات الشريفات.
(٣) مروج الذهب ٢ / ١٩٦.