فقال يستعطفه :
« يا أمير المؤمنين إن بيني وبينك رحما من قبل فلانة ... » وظن أنه بذلك يجلب عطفه فينعم عليه ، فرد عليه ابن الزبير قائلا :
« نعم هذا كما ذكرت ، وإن فكرت في هذا أصبت أن الناس بأسرهم يرجعون إلى أب واحد ، وإلى أم واحدة ... »
ولما رأى الأسدي أن هذا لا يجدي معه قال له :
« يا أمير المؤمنين إن نفقتي نفدت ... »
ولم يخجل ابن الزبير وراح يقول له :
« ما كنت ضمنت لأهلك أنها تكفيك إلى أن ترجع إليهم »
وراح الأسدي يتوسل إليه ويستعطفه قائلا :
« يا أمير المؤمنين ناقتي قد نقبت ... »
فنهره ابن الزبير وقال :
« انجد (١) بها تبرد خفها ، وارفعها بسبت (٢) واخفضها بهلب (٣) وسر عليها البردين (٤) ... »
وضاق الأسدي ذرعا وطفق يقول له :
« يا أمير المؤمنين إنما جئتك مستحملا ، ولم آتك مستوصفا ، لعن الله ناقة حملتني إليك ... »
__________________
(١) انجد بها : أي عد بها إلى بلدك نجد.
(٢) السبت : الجلد المدبوغ ، ويراد به السوط والمعنى إذا أردت أن تسرع بك فاضربها بسوط.
(٣) الهلب : الشعر.
(٤) البردان : الغداة والعشي.