التي انتهجها آباؤه ضد الامام (ع) لم تكن حكيمة ولا رشيدة ، فقد جرت للأمويين الكثير من المصاعب والمشاكل ، وألقتهم في شر عظيم ، فعزم على أن يمحو هذه الخطيئة ، فأصدر أوامره الحاسمة والمشرفة إلى جميع أنحاء العالم الاسلامي برفع السب عن الامام أمير المؤمنين (ع) وأن يقرأ عوض السب ( إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ وَإِيتاءِ ذِي الْقُرْبى ) وقد علل هو السبب في تركه لما سنه آباؤه من انتقاص الامام يقول : كان أبي إذا خطب فنال من علي تلجلج ، فقلت : يا أبت إنك تمضي في خطبتك فاذا أتيت على ذكر علي عرفت منك تقصيرا ، قال : أو فطنت لذلك؟ قلت : نعم ، فقال : يا بني إن الذين حولنا لو يعلمون من علي ما نعلم تفرقوا عنا إلى أولاده ، فلما ولي الخلافة لم يكن عنده من الرغبة في الدنيا مثل أبطال سب الامام (١) وقد أثارت هذه المكرمة إعجاب الجميع ، وأخذ الناس يتحدثون عنه بأطيب الذكر ويذكرون شجاعته النادرة في مخالفته لسلفه ، وقد وفد عليه الشاعر الكبير كثير عزة ، فتلا عليه هذه الأبيات :
وليت فلم تشتم عليا
ولم تخف |
|
بريا ولم تتبع
مقالة مجرم |
تكلمت بالحق
المبين وإنما |
|
تبين آيات الهدى
بالتكلم |
وصدقت معروف
الذي قلت بالذي |
|
فعلت فأضحى
راضيا كل مسلم |
ألا إنما يكفي
الفتى بعد زيغه |
|
من الأود الباقي
ثقاف المقوم |
لقد لبست لبس
الملوك ببابها |
|
وأبدت لك الدنيا
بكف ومعصم |
وتومض أحيانا
بعين مريضة |
|
وتبسم عن مثل
الجمان المنظم |
فأعرضت عنها
مشمئزا كأنما |
|
سقتك مدوفا من
سمام وعلقم |
__________________
(١) تأريخ ابن الأثير ٤٤ / ١٥٤.