وقد كنت من
أجيالها في ممنع |
|
ومن بحرها في
مزبد الموج منهم |
وما زلت سباقا
إلى كل غاية |
|
صعدت بها أعلى
البناء المقدم |
فلما رآك الملك
عفوا ولم يكن |
|
لطالب دنيا بعده
من تكلم |
تركت الذي يفنى
وان كان مونقا |
|
وآثرت ما يبقى
برأي مصمم |
فاضررت بالفاني
وشمرت للذي |
|
أمامك في يوم من
الهول مظلم |
ومالك ان كنت
الخليفة مانع |
|
سوى الله من مال
رغيب ولا دم |
سما لك هم في
الفؤاد مؤرق |
|
صعدت به أعلى
المعالي بسلم |
فما بين شرق
الأرض والغرب كلها |
|
مناد ينادي من
فصيح وأعجم |
يقول أمير
المؤمنين : ظلمتني |
|
بأخذ لدينار ولا
أخذ درهم |
ولا بسط كف
لامرئ ظالم له |
|
ولا الفك منه
ظالما ملء محجم |
فلو يستطيع
المسلمون تقسموا |
|
لك الشطر من
أعمارهم غير ندم |
فعشت به ما حج
لله راكب |
|
مغذ مطيف
بالمقام وزمزم |
فاربح بها من
صفقة لمبايع |
|
واعظم بها ثم
اعظم (١) |
ولم يمدح أحد من ملوك بني أمية بمثل هذه الرائعة ، فقد رفعته إلى أفذاذ الخالدين ، وقد افتتحها بمكرمته في منع السب عن الامام أمير المؤمنين عليهالسلام ثم صور سياسته القائمة على الزهد والاحسان إلى الرعية ، وقد أحب المسلمون سياسته حتى انهم يتمنون أن يفدوه بأعمارهم ليطول عمره وتمتد حياته.
وعقب عمر على هذه الأبيات بقوله : أفلحنا اذن (٢) لقد أفلح لأنه أرضى ضميره ، ولم يخن الأمة في سبه لقائد مسيرتها ، وعملاقها العظيم
__________________
(١) الأغاني ٨ / ١٤٨.
(٢) تأريخ ابن الأثير ٤ / ٦٥٤.