وخرج الامام من عنده ، ولما أراد الرحيل بادره رسول عمر فقال له : إن عمر يريد أن يأتيك ، فانتظره الامام حتى أقبل فجلس بين يدي الامام مبالغة في تكريمه وتعظيمه ، ثم انصرف عنه (١).
ونقلت مباحث الأمويين إلى عمر أن الامام أبا جعفر (ع) هو بقية أهله العظماء الذين رفعوا راية الحق والعدل في الأرض ، وقد أراد عمر أن يختبره فكتب إليه فأجابه الامام برسالة فيها موعظة ونصيحة له ، فقال عمر : اخرجوا كتابه إلى سليمان ، فاخرج له فاذا فيه تقريظ ومدح له ، فانفذه إلى عامله على يثرب ، وأمره أن يعرضه عليه مع كتابه إلى عمر ، ويسجل ما يقوله الامام (ع) : وعرضه العامل على الامام فقال (ع) : إن سليمان كان جبارا كتبت إليه ما يكتب إلى الجبارين ، وان صاحبك أظهر أمرا ، وكتبت إليه بما شاكله ، وكتب العامل هذه الكلمات إلى عمر فلما قرأها أبدى اعجابه بالامام ، وراح يقول :
« إن أهل هذا البيت لا يخليهم الله من فضل ... » (٢).
هذه بعض التقاءات الامام بعمر بن عبد العزيز ، وهي تكشف عن أصالة رأي عمر ، وأصالة تفكيره في تقديره للامام ، وتعظيمه له.
__________________
(١) تأريخ دمشق ٥١ / ٣٨.
(٢) تأريخ اليعقوبي ٢ / ٤٨.