من جنسه » (١) ومرض أحمد فعاده المعتصم ، وكان لا يعود أحدا من اخوته واجلاء أهله ، ولما قيل في ذلك أجاب « كيف لا أعود رجلا ما وقعت عيني عليه قط إلا ساق لي أجرا ، وأوجب إلي شكرا ، وأفادني فائدة تنفعني في ديني ودنياي » (٢).
ويميل كل من المستشرق الايطالي « نلينو » والمستشرق « نيسبوح » إلى أن منشأ الاعتزال كان من أصل سياسي (٣).
أما أحمد أمين فيقول : « إن جرأة المعتزلة في نقد الرجال هو بمثابة تأييد قوي للأمويين لأن نقد الخصوم ، ووضعهم موضع التحليل وتحكم العقل في الحكم لهم أو عليهم يزيل ـ على الأقل ـ فكرة تقديس علي التي كانت شائعة عند جماهير الناس » (٤).
وعلى أي حال فان الاعتزال قد حظي بتكريم الحكم الأموي والعباسي ولو كان بمعزل عن تأييد السياسة القائمة في ذلك الوقت لما ظفر قادته بذلك التكريم من ملوك الأمويين والعباسيين.
وليس من المنطق في شيء اتّهام المعتزلة بأنهم قد تأثروا فكريا بالمسيحية وأن هناك تشابها قويا بين آراء المعتزلة التي غرس بذورها الحسن البصري
__________________
(١) مروج الذهب.
(٢) تأريخ بغداد ٤ / ١٤٨ ـ ١٥٠.
(٣) دراسات في الفرق والعقائد الاسلامية ( ص ١٠٦ ).
(٤) فجر الاسلام ( ص ٢٩٥ ).