ثلاثا ، فلم يضع لبنة على لبنة ، ولم يتخذ من غنائمها وفرا ، كما كان (ع) من أعدل الناس فالقريب والبعيد عنده سواء ، والعزيز عنده ذليل حتى يأخذ منه الحق ، والذليل عنده عزيز ، وقضايا عدله من الأمور التي يعتز بها الاسلام ، ويفخر بها المسلمون فلم يؤثر عن حاكم مثله في عدله ومساواته بين الرعية.
ومع توفر الصفات الكاملة في الامام ، وعدم توفرها في غيره كيف لا ينتخبه النبي (ص) قائدا لأمته يهديها إلى سواء السبيل ويرشدها إلى معالم الحياة الرفيعة.
ثالثا ـ إنه قد أثرت عن النبي (ص) مجموعة ضخمة من الأخبار قد أجمع المسلمون على روايتها والاعتراف بصحتها في حق الامام أمير المؤمنين (ع) كحديث الطائر المشوي ، وحديث المنزلة ، وحديث الغدير وحديث الثقلين وحديث السفينة ، وغيرها من الأحاديث التي تشيد بفضل أبي الحسين (ع) وتبرز قيمه ومواهبه ، والمتأمل فيها يطل على الغاية المنشودة للرسول (ص) من تعيينه للامام خليفة من بعده وقائدا لمسيرة أمته.
رابعا ـ امتناع الامام عن بيعة أبي بكر ، وتخلف خيار الصحابة عن بيعته كأبي ذر وعمار بن ياسر ، وسلمان الفارسي وخالد بن سعيد وغيرهم من أعلام الاسلام واحتجاجهم على أبي بكر بأن عليا أولى منه بمقام رسول الله (ص) ، يقول خالد بن سعيد للامام : « هلم أبايعك فو الله ما في الناس أحد أولى بمقام محمد منك » (١).
ونقمت بضعة الرسول (ص) وسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء على أبي بكر لاحتلاله مركز الامام أمير المؤمنين (ع) ومقامه ، وقد خطبت
__________________
(١) تأريخ اليعقوبي ٢ / ١٠٥.