منه ليس علة حقيقة ؛ وإلا لدار الحكم معها حيث دارت ، فلا يجوز مع عدم الحاجة ، ويجوز معها وإن كانت في داره ، ومن المعلوم خلافه ، والظاهر إرادة حاجة المعرا بالفتح باعتبار حاجته إلى التمر لا المعري بالكسر ؛ فإنه لا حاجة تدعوه إلى شرائها بالتمر ضرورة اندفاع الهجوم على داره وبستانه بشراء ثمرتها ولو بغير التمر ، اللهم إلا أن يكون المراد أنه لمكان حاجته في عدم الهجوم على داره شرع له شراؤها بتمر إذ قد يمتنع صاحبها من بيعها إلا بذلك ، وفي جملة من العبارات ما يظهر منه أن المشقة على البائع الدخول الى ملك غيره.
وعلى كل حال فليست هي علة يدور الحكم مدارها ؛ ومنه يظهر النظر فيما ذكره أيضا من الاستناد إلى التعليل المزبور في التعدية إلى مستعير الدار ومستأجرها ، المصرح به في كلام الفاضل والشهيدين وغيرهما ؛ قال : « وليس في الرواية الأولى كبعض العبارات من حيث التقييد فيها بصاحب الدار ، منافاة لذلك ، لصدق الإضافة بأدنى ملابسة » لما عرفت من أن ذلك حكمة لا علة والإضافة بأدنى ملابسة من المجاز الذي لا يحمل عليه إطلاق اللفظ.
وفي التذكرة « ظاهر كلام الأصحاب يقتضي المنع من بيع العرية علي غير مالك الدار والبستان أو مستأجرهما أو مشتري ثمرة البستان على إشكال » ونحوه في القواعد ، وعن الإيضاح أن وجهي الإشكال التضرر بتطرق الغير في ملكه ، والعموم ، وفي جامع المقاصد « إن ظاهر الشارحين كون الإشكال في مشتري الثمرة ، والتحقيق أن القول في شرح العرية غير منضبط ، لان كلام أهل اللغة فيه مختلف ، فينبغي أن يقال : ما ثبت القول بجوازه عند الأصحاب يجوز فيه ، اعتضادا بعمومات صحة البيع ، ونظرا إلى مشاركة العلة ، ولصدق إضافة الدار والبستان إلى المالك والمستأجر ومشتري الثمرة وفي الدروس ذهب إلى إلحاق المستعير بالمالك ؛ وللنظر في هذا البحث مجال فإن الإضافة فيما ذكر إنما هو على وجه المجاز ، إلا أن يقال المشقة معتبرة في مفهوم العرية.