الأخير أوضح ، فيتجه مع اختياره البطلان فيما قابله مطلقا ، وان رضي بالمدفوع لزم ، وأشكله في جامع المقاصد « بأن المدفوع أرشا ليس هو أحد عوضي الصرف وانما هو عوض صفة فائتة في أحد العوضين ، ويترتب استحقاقها على صحة العقد وقد حصل التقابض في كل من العوضين ، فلا مقتضى للبطلان إذ وجوب التقابض انما هو في عوضي الصرف ، لا فيما وجب بسببهما ، وأجاب عنه في الروضة بأن الأرش وان لم يكن أحد العوضين ، لكنه كالجزء من الناقص منهما ، ومن ثم حكموا بأنه جزء من الثمن نسبته إليه كنسبة قيمة الصحيح الى المعيب ، والتقابض الحاصل في العوضين وقع متزلزلا ، إذ يحتمل رده رأسا وأخذ أرش النقصان الذي كتتمة العوض الناقص ، فكان بمنزلة بعض العوض ، والتخيير بين أخذه والعفو عنه ورد البيع لا ينافي ثبوته ؛ غايته التخيير بينه وبين أمر آخر فيكون ثابتا ثبوتا تخييريا بينه وبين ما ذكر ».
قلت : هو وان أجاد بما حرر وأفاد ، الا أن التحقيق خلافه ، فيجوز أخذ الأرش من النقدين مع التفرق ، لا لانه جزء من الثمن قد انفسخ العقد بالنسبة إليه ، لعدم وصف الصحة المقابل له في المثمن فيصح أخذه حينئذ في مجلس العقد وغيره ، لبقائه حينئذ على ملك المالك ، ولا صرف فيه بوجه من الوجوه ، إذ هو وان أوهمه لفظ الرد والرجوع في النصوص ؛ بل في بعضها (١) « كان علي عليهالسلام يضع من ثمن الجارية بقدر عيبها » بل وبعض عبارات الأصحاب حتى جعل فيها الخيار بالعيب من خيار تبعض الصفقة ، الا ان المعلوم من الأصحاب خلافه ، ولذا لم يعرف الخلاف بينهم في سقوطه بالإسقاط الذي لا ينحل إلى الإبراء ولا إلى الهبة ، ولم يثبتوا للبائع خيارا بسببه إذا كان جاهلا لتبعض الصفقة عليه في الثمن ، وكونه من قبله بعد فرض جهله بالعيب لا يسقطه ، ولذا لم يحكموا ببطلان المعاملة الربوية بوجود العيب في أحد العوضين المستلزم على هذا التقدير الزيادة في أحدهما ، ولم يجعلوا الأرش أيضا تابعا لخصوص الثمن ، حتى أنه لو أراد البائع دفعه من غير ذلك الثمن لم يكن له باعتبار بقاء الجزء المقابل للصحة منه على ملك المشتري مثلا ، الى غير ذلك مما لا يخفي لزومه على هذا التقدير مما هو معلوم عدمه ، بل قد يمنع صدق اسم الأرش
__________________
(١) الوسائل الباب ٤ ـ من أبواب العيوب الحديث ١.