وأما البيع بغير الجنس زاد أو نقص فلا خلاف في جوازه ، وفي المختلف أنهم قد أجمعوا عليه ، وفي الرياض « أنه لا ريب فيه وفي البيع بالجنس مع عدم الزيادة فتوى ورواية » قلت : قد سمعت كلام أبى الصلاح وان كان لا ريب في ضعفه ، وعلى كل حال فقد ظهر لك قوة القول بالجواز مطلقا ، كما أنه قد ظهر لك بمقتضى إطلاق الأدلة وخصوص بعضها عدم الفرق في ذلك بين كون المسلم فيه مكيلا وموزونا وبين غيرهما ، ولا بين كونه طعاما وغيره ، فما سمعته من الغنية هنا من الإجماع على عدم الجواز في الطعام في غير محله ، ولعل مبناه ما تقدم سابقا في مبحث القبض من قول بعضهم بالمنع عن بيع المبيع إذا كان مكيلا أو موزونا قبل قبضه ، ومن آخرين منهم ابن زهرة في خصوص الطعام منهما.
لكن قد تقدم لك هناك ضعفهما وضعف غيرهما ، مع أنه يمكن القول به هنا وان لم نقل به هناك ، للأدلة الخاصة الحاكمة على غيرها ، وخصوص مواردها بمن عليه غير قادح بعد عدم الدليل الصالح للفرق ، بل لو لا التسامح في دليل الكراهة لأمكن المناقشة في ثبوتها في الطعام ، فضلا عن مطلق المكيل والموزون ، وفضلا عن غيرهما كما هو مقتضى إطلاق قوله في المتن على كراهة لعدم الدليل.
بل لعل ظاهر أدلة المقام عدمها في المبيع على من هو عليه ، لكن للتسامح فيها يمكن القول بها ، ولو لاحتمال الاندراج فيما تقدم في ذلك المقام ، وللخروج عن شبهة الخلاف في الطعام ، والإجماع المدعى عليه هنا ، ولغير ذلك وعلى كل حال فقد اتضح بذلك كله أنه يجوز بيعه قبل قبضه بأزيد من رأس المال أو انقص.
وكذا يجوز بيع بعضه كذلك وتوليته وتولية بعضه والشركة فيه وفي بعضه لعدم الفرق بين الجميع في مقتضى بعض الأدلة السابقة ، خلافا للمحكي عن الشافعي فلم يجوز للمسلم أن يشرك غيره في السلم. فيقول له شاركني في نصفه بنصف الثمن ولا أن يوليه ، فيقول ولني جميعه بجميع الثمن ، ونصفه بنصف الثمن لأنها معاوضة في المسلم فيه