الإمامي توسع في بحث الأصول العملية واقسامها وشرائط كل منها بينما فقه العامة لم يتعرض لتلك البحوث بل على العكس من ذلك نجد ان للبحث عن الأمارات والظنون ومحاولات إثبات الحكم الشرعي على أساسها مجالا واسعا في أصول فقه العامة في الوقت الّذي يكون البحث عنها عندنا محصورا في حدود ما هو في معرض قيام دليل ضرعي على حجيته.
الا ان فكرة الأصول العملية لم تكن بهذا الوضوح في كلمات أصحابنا منذ فجر تاريخ الفقه الإمامي وتدوينه ، بل في مبدأ الأمر أدرجت الأصول العملية في دليل العقل وقبل بان مصادر الفقه أربعة الكتاب والسنة والإجماع والعقل وأدرجت أصالة البراءة في الأخير وادعى جمع كالسيد المرتضى ابن زهرة ( قدهما ) ان هذه الأدلة كلها قطعية فاعتبرت البراءة قطعية والعمل بها عمل بدليل العقل القطعي وبذلك أجابوا على فقه العامة بأنهم يعملون بالقطع ولا يحتاجون إلى إعمال الظنون والأمارات إلا ناقصة وكذلك أدرج في الدليل العقلي بعد ذلك أصل الاستصحاب بل يلاحظ ان البراءة لاحقة بالاستصحاب واعتبرت منه لأن الحالة الأصلية براءة الذّمّة قبل الشرع وهي تثبت بالاستصحاب حال الأعقل ووسموه بالدليل العقلي القطعي مع انه ليس دليلا على الحكم فضلا من ان يكون قطعيا وانما القطعي تفريغ الذّمّة به. وفي كلمات المحقق ( قده ) وغيره من تلك المرحلة نجد انهم صاغوا الاستدلال بالبراءة على الإباحة وعدم الإلزام صياغة استدلالية عقلية قطعية تطبيعا لمنهجة الأدلة عليها فقالوا بان التكليف بالمجهول غير معقول لأنه تكليف بما لا يطاق أو ان عدم الدليل على الحكم دليل على العدم ، لأن الأحكام قد بلغت جميعا وهكذا حاولوا إلباس البراءة ثوب الدليل القطعي على الحكم الشرعي الواقعي وبعد ان التفت إلى ان الأدلة المعتمدة في الفقه فيما ما هو ظني ولكنه معتبر شرعا كظهورات وخبر الثقة مثلا وشاع تقبل فكرة الأعمل بالظن إذا كان معتبرا شرعا بدليل قطعي اعتبرت الأصول العملية أدلة دليلا ظنيا بل ذلك لبعض المتأخرين كما ذكره الشيخ الأنصاري ( قده ) واستغرب منه.
وبعد ذلك اختمرت تدريجيا الفكرة الصحيحة عن الأصل العملي وانه لا يطلب