وبينها وبين الأمارات ، ونبين هناك ملاكات متعددة للتقديم وحكومة دليل على دليل. ولكن نشير هنا إلى ثلاثة أمور :
أولا ـ ان الحكومة بملاك جعل الطريقية والعلمية وبالتالي قيام الأمارة أو الأصل مقام القطع الموضوعي غير تامة لما تقدم في بحث القطع من عدم صحة ذلك كبرى ، وما أشرنا آنفا إلى ان هذا لو تم في الأمارات فلا يتم في مثل الاستصحاب الّذي أخذ في موضوعه الشك.
وثانيا ـ ان الأصل السببي والموضوعي يتقدم على الأصل المسببي بالحكومة لا بنكتة جعل الطريقية بل نكتة أخرى سوف يأتي تحليلها وشرحها. ولهذا تثبت الحكومة والتقدم حتى إذا كان الأصل السببي من الأصول غير المحرزة كأصالة الطهارة في الماء المشكوك المغسول به الثوب النجس فانها تتقدم على استصحاب نجاسة الثوب بعد الغسل رغم انه بحسب تصورات مدرسة المحقق النائيني ( قده ) لم تجعل لها الطريقية والعلمية وانما جعل ذلك للاستصحاب ولهذا لا تستطيع المدرسة ان تفسر وجه هذا التقدم بالطريقية ، كيف وهي تقتضي العكس كما لا يخفى.
وثالثا ـ كما ان الأصل الموضوعي الإلزامي يتقدم على البراءة بالحكومة كذلك يتقدم الاستصحاب الإلزامي على البراءة لنكات في دليل الاستصحاب تقتضي تقدمه على دليل البراءة. وهذا يعني ان جريان البراءة متوقف على عدم جريان أصل موضوعي محرز للتكليف ولا أصل حكمي كذلك كالاستصحاب الحكمي.
هذا كله في كبرى هذا الشرط.
واما البحث عن أصالة عدم التذكية عند الشك فيها ، فالشك في حلية لحم حيوان قد زهقت روحه يتصور بأحد أربعة أقسام.
الأول ـ الشك في حلية أكل ذلك الحيوان في نفسه وبقطع النّظر عن التذكية ، إذ ليس كلما يقبل التذكية من الحيوانات يحل أكل لحمه ، فقد يشك في حيوان كذلك بنحو الشبهة الحكمية أو الموضوعية (١).
الثاني ـ الشك في حليته من ناحية الشك في قبوله للتذكية ، فانها شرط في حلية
__________________
(١) هذا القسم أيضا يمكن تقسيمه إلى ما يكون الشك في أصل الحلية أو في طرو ما يمنع عنها كالجلل لا من ناحية التذكية.