الثالث ـ ان يكون الأصل الترخيصي في الطرف الآخر من غير سنخ الأصل الترخيصي المحكوم أي ثابتا بدليل غير دليله ، كما إذا كان الأصل الترخيصي المحكوم أصالة الحل والأصل الترخيصي في الطرف الآخر استصحابه ، فانه في هذه الفرضية يكون التعارض بين دليلي الترخيصين خارجيا لا داخليا أي لا يلزم إجمالها ذاتا بل حجية فحسب ، والمفروض عدم حجية إطلاق دليل الأصل الترخيصي المحكوم.
الرابع ـ ان يكون الأصل الحاكم رافعا لموضوع الأصل الترخيصي المحكوم حقيقة أي واردا عليه حقيقة أو بالحكومة الميرزائية ـ بناء على تعقلها ـ التي لا ترجع بحسب الروح إلى التخصيص والقرينية بل إلى رفع الموضوع ، فانه حينئذ أيضا لا يكون هناك محذور في الأخذ بدليل الأصل الترخيصي في الطرف الآخر بعد سقوط الأصل الترخيصي في الطرف الأول ذاتا وحقيقة.
والجواب الفني على الشبهة في غير هذه الفروض الأربعة ما تقدمت الإشارة إليه من ان إطلاق دليل الترخيص شامل لكل طرف من أطراف العلم الإجمالي إذا لم يكن فيه محذور الترخيص في المخالفة القطعية لأن المقيد له انما يثبت التقييد بمقدار ما لم يعلم تفصيلا حرمته ولا طرفا لعلم إجمالي لا يوجد منشأ لاختصاص الترخيص به دون الطرف الآخر ، وبالأصل الإلزامي الحاكم تتحقق صغرى هذا القيد.
الصورة الثالثة ـ ان يكون في أحد الطرفين أصلان ترخيصيان طوليان لا أصل واحد وفي الطرف الآخر أصل ترخيصي واحد. كما إذا علمنا إجمالا بنجاسة أحد إناءين لأحدهما حالة سابقة من الطهارة فيكون استصحاب الطهارة في ذلك الطرف معارضا مع أصالة الطهارة في الطرف الآخر وبعد التعارض والتساقط يقال بالرجوع إلى أصالة الطهارة في مورد الاستصحاب لكونها أصلا طوليا لم يدخل المعارضة مع الأصل الترخيصي في الطرف الآخر ، لأن فرض جريانه هو فرض سقوط الأصل الترخيصي الحاكم عليه بالمعارضة وفرض سقوط الأصل الحاكم عليه هو فرض سقوط معارضه في الطرف الآخر فيستحيل ان يكون الأصل الترخيصي في الطرف الآخر معارضا معه ، وهذه هي الصورة التي جعلها المحقق العراقي فارقا عمليا بين المسلكين واعتبره نقضا على مسلك الاقتضاء ، حيث استبعد القول بعدم وجوب الموافقة القطعية في ذلك مع ان مقتضى صناعة مسلك الاقتضاء وان منجزية العلم الإجمالي في طول