ثم أجاب عليه بما حاصله : ان وجوب الحج ـ الطرف الطولي ـ إذا كان مترتبا على عدم وجوب الوفاء بالدين واقعا أو على عدمه ولو ظاهرا فالأصل الترخيصي النافي كما ينفي وجوب الوفاء بالدين وبهذا اللحاظ يكون ترخيصيا كذلك يثبت وجوب الحج وبهذا اللحاظ يكون إلزاميا موجبا لانحلال العلم الإجمالي ، فالعلم الإجمالي ينحل بلحاظ المدلول الوجوديّ الإلزامي للأصل فيكون الأخذ بمدلوله الترخيصي ممكنا أيضا. نعم تمتاز الفرضية الثانية في وفاء الأصول غير التنزيلية كأصالة البراءة عن وجوب الوفاء بالدين بذلك أيضا بخلاف الفرضية الأولى حيث يتوقف إحراز موضوع وجوب الحج فيها على جريان أصل تنزيلي كاستصحاب عدم الوجوب.
واما إذا كان وجوب الحج مترتبا على مطلق التأمين والمعذورية عن وجوب الوفاء بالدين فهذا يوجب عدم صلاحية العلم الإجمالي للتنجيز ، لأن العلم الإجمالي لا بد وان يكون صالحا لتنجيز كلا طرفيه في عرض واحد ، وفي المقام يستحيل ذلك لأنه لو تنجز وجوب الوفاء بالدين ارتفع وجوب الحج يقينا فتكون منجزيته مستحيلة.
ولنا في المقام عدة تعليقات :
الأولى ـ ان التمسك أولا بدلالة دليل الأصل على الأثر الوجوديّ الإلزامي وهو وجوب الحج ثم الأخذ بدلالته على الأثر الترخيصي وهو عدم وجوب الوفاء بالدين انما يتم لو سلمنا ان دليل الأصل يتكفل بيان الأمرين بنفسه وهذا في مثل أصالة البراءة ممنوع بالاتفاق وفي الاستصحاب على قول ، فان دليل البراءة لا يتكلف الا نفي الحكم المشكوك ظاهرا واما الأثر الإلزامي المترتب على انتفاء الحكم المشكوك ولو ظاهرا فيترتب بدليله من باب تحقق موضوعه بجريان الأصل وهذا يعني ان الأثر الإلزامي انما يكون في طول ثبوت الأثر الترخيصي في أحد طرفي العلم الإجمالي أولا ، وهو غير ممكن بناء على مسلك العلية فيرد النقض (١).
__________________
(١) يمكن الإجابة عليه حتى لو سلم هذا المبنى بأحد وجهين :.
الأول ـ ما تقدم من ان التنجيز من أحكام عالم الزمان لا الرتب فحتى إذا فرض ان جريان الأصل الترخيصي في أحد الطرفين متقدم رتبة على جريان الإلزام في الطرف الآخر الا انه حيث انهما في زمان واحد فلا يكون الأصل الترخيصي مؤمنا عن احتمال تكليف منجز بالعلم الإجمالي إذ في زمان جريانه لا يكون العلم الإجمالي منجزا.
لا يقال ـ يستحيل جعل الترخيص في المقام لأنه متوقف على عدم منجزية العلم الإجمالي بناء على العلية فلو كان سببا وموضوعا لعدم منجزية العلم الإجمالي لزم الدور.