فني في كيفية تخريج عدم المعارضة بين الأصول وعدم منجزية العلم الإجمالي بين العلم الإجمالي بالنجاسة الواقعية أو العلم الإجمالي بالنجاسة الظاهرية (١).
الفرق الثالث ـ وهو فارق عملي مترتب على الفرق الأول الّذي تقدم يظهر في الفرضية التي يقال فيها بجريان الأصل النافي الطولي في أحد الطرفين بلا معارضة مع الأصل النافي في الطرف الآخر ، كما إذا علم إجمالا بنجاسة الماء أو التراب فانه بعد تساقط قاعدة الطهارة أو استصحابها فيهما معا تجري أصالة الحل في الماء بالخصوص لتجويز شربه بلا معارض اما للطولية كما يقول به المحقق العراقي ( قده ) ، أو لإجمال دليل الأصلين العرضيين كما يقول به السيد الأستاذ ، أو لمسانخة الأصلين المشتركين في الطرفين بخلاف الأصل المختص كما هو الصحيح. فانه على أحد هذه المباني يقال بالفرق بين العلم الإجمالي بالحكم الواقعي والعلم الإجمالي بالحكم الظاهري بالنجاسة وان هذه البيانات انما تتم في الأول دون الأخير لأنه بناء على الأخير لا يتعارض الأصلان العرضيان ليقال بجريان الأصل الطولي وعدم دخوله في المعارضة في رتبة واحدة أو يقال بإجمال دليلهما والانتهاء إلى دليل الأصل الطولي بلا معارض بل يكون حال الأصل الطولي وهو أصالة الحل في الماء حال استصحاب الطهارة أو قاعدتها من حيث الشك في تحقق موضوعها وكونه من باب اشتباه الحجة باللاحجة فلا يمكن الرجوع إليه لا ابتداء كما هو واضح ولا في طول إجراء استصحاب عدم قيام البينة في هذا الطرف لأنه معارض باستصحاب عدم قيامها في الطرف الآخر وهما عرضيان ومن سنخ واحد. بل بناء على القول بتقدم استصحاب الطهارة أو قاعدتها على أصالة الحل رغم موافقتهما في المؤدى يعلم بعدم جريان أصالة الحل لقيام الحاكم في موردها من البينة أو استصحاب الطهارة (٢).
واما القسم الثاني ـ وهو ما إذا كان الإجمال في نفس البينة والحكم الظاهري بان
__________________
(١) وقد عرفت ان هذا الفارق الفني أيضا غير موجود لجريان الأصل الترخيصي عن الواقع المشكوك في مرتبة الشك في وجود حكم الظاهري إلزاميّ حقيقة.
(٢) قد اتضح عدم تمامية هذه الثمرة لعدم تمامية الفرق الأول بل تجري أصالة الحل عن شرب الماء في هذه المرتبة أي مرتبة الشك في قيام البينة على الحرمة أو عن اهتمام الشارع بإيجاب الاحتياط والتحفظ على الملاك الإلزامي المفاد بالبينة في هذا الطرف بلا معارض لكونه طوليا أو غير مسانخ.