مسلك العلية ، لأن المقصود بالعلية عدم إمكان جعل الشك مؤمنا لأن الوصول بالعلم تام الا ان هذا لا ينافي وجود مؤمن آخر وهو العجز والاضطرار ، فلو كلف المولى عبده بما لا يقدر على بعض مراتب امتثاله أو تمامها عقلا أو شرعا وعلم بذلك لم يتنجز عليه تلك المرتبة من الامتثال أو تمامها إذ لا حق للمولى خارج نطاق قدرته من دون ان يتنافى ذلك مع منجزية العلم والوصول ، وفيما نحن فيه المكلف يضطر إلى عدم الموافقة القطعية عقلا أو شرعا ـ كما إذا كانت تؤدي إلى هلاك نفس ملاك حفظها أهم أو غير ذلك ـ مع بقاء التكليف الواقعي المعلوم على حاله لعدم الاضطرار إليه فترتفع مرتبة الامتثال القطعي وتبقى حرمة المخالفة القطعية على حالها ، وهو من التوسط في التنجيز لا التكليف.
نعم جاء في التقرير الآخر لأبحاث المحقق النائيني ( قده ) تقريب آخر للتوسط في التكليف في المقام حاصله : ان الاضطرار وان كان إلى الجامع واحد الطرفين تخييرا لا تعيينا الا ان أي فرد يختاره المكلف يكون بحسب نظر العرف هو المضطر إليه فيكون الترخيص في اقتحامه واقعيا رافعا للإلزام الواقعي على تقدير وجوده فيه بمقتضي أدلة رفع الاضطرار فتقع المنافاة بين الترخيص بملاك الاضطرار وبين إطلاق التكليف الواقعي فيقيد بصورة ما إذا لم يختر ذلك الفرد فيحصل التوسط في التكليف.
وفيه : انه لا وجه لما ذكر من سريان الاضطرار من الجامع إلى الفرد عرفا بل الاضطرار عقلا وعرفا ليس إلى الحرام الواقعي فلا موجب لرفع اليد عن إطلاق دليله أصلا.
ثم انه بناء على التوسط في التكليف اختلفت كلمات العلمين في كيفية تصوير هذا التكليف المتوسط وتنجيزه للطرف الآخر الباقي بعد رفع الاضطرار.
فالمحقق النائيني ( قده ) ذهب إلى ان التكليف يصبح مشروطا بعدم اختيار الحرام الواقعي لدفع الاضطرار ، وفصل في استلزام ذلك لتنجيز الفرد الآخر بين ما لو فرض ذلك شرطا متأخرا بحيث مهما اختار الفرد الحرام لدفع الضرورة كشف ذلك عن عدم حرمة ذلك الفرد من أول الأمر أو فرض شرطا مقارنا بحيث ترتفع حرمته من حين الاختيار ، فعلى الأول لا تنجيز في البين للشك في التكليف من جهة الشك في شرط