المؤمن بعد سقوطه لا يحيى من جديد ليعارض مع أصالة الطهارة في الملاقي فلا يكون العلم الإجمالي الثاني منجزا لعدم المعارضة بين الأصول الترخيصية في أطرافه بناء على مسلك الاقتضاء ولكون أحد طرفيه منجزا بعلم إجمالي أسبق فلا يمكن للعلم الإجمالي الثاني ان ينجز على كل تقدير بناء على مسلك العلية. وهذا بخلاف ما إذا كان العلم الإجمالي الثاني حصل مقارنا مع العلم الإجمالي الأول حيث يكون الأصل في الطرف المشترك ساقطا بالمعارضة مع الأصل في الطرف الآخر وملاقيه في عرض واحد (١).
ولا يخفى ان هذا التفصيل قد يقتضي تنجز الملاقي دون الملاقى كما إذا علم إجمالا أولا بنجاسة الملاقي أو طرف الملاقى ثم علم بان ذلك على أساس الملاقاة مع ذلك الطرف فتشكل العلم الإجمالي بين الأصلين ـ وهو العلم الإجمالي الأول ـ قبل العلم الإجمالي الثاني بين الملاقي والطرف.
وأيا ما كان فهذا التفصيل غير صحيح لأنه يرد عليه :
أولا ـ ما مضى في بعض الأبحاث السابقة من ان المنجز في كل آن هو العلم الإجمالي في ذلك الآن فالمانع عن جريان الأصلين السابقين بقاء انما هو العلم الإجمالي بوجوده البقائي لا الحدوثي والا لما أمكن انحلال العلم الإجمالي بعد حدوثه أصلا وعليه فيكون حدوث العلم الإجمالي الثاني مع بقاء العلم الإجمالي الأول كل منهما جزء العلة لا محالة في إسقاط الأصل المؤمن في طرف الملاقى ولا وجه لافتراض تأثير أحدهما دون الآخر.
وثانيا ـ النقض بموارد الأمارات فلو صدر خبران متعارضان في زمان الإمام الصادق عليهالسلام مثلا وورد خبر آخر عن الإمام العسكري عليهالسلام يوافق أحدهما ويخالف الآخر كان اللازم الأخذ به من دون معارض لأن معارضه سقط في زمن سابق بالتعارض فحالهما حال الأصلين الأولين فيما نحن فيه والخبر المتأخر حاله حال الأصل المتأخر في المقام وهكذا لو علم الفقيه بخبرين متعارضين فسقطا عن الحجية ثم علم بخبر ثالث يوافق أحدهما ويخالف الآخر ، ومثل هذا مما لا يلتزم به أحد.
وثالثا ـ الحل وحاصله : ان توهم عدم دخول الأصل المتأخر زمانا في المعارضة مع
__________________
(١) راجع مصباح الأصول ، ج ٢ ص ٤١٥.