الاعتراض الخامس ـ ما ذكره صاحب الكفاية نفسه وأجاب عنه من ان هذه الفرضية تؤدي إلى مانعية التمام عن القصر فيحرم الإتيان به ومعه لا يمكن ان يقع مأمورا به وقربيا. وأجاب عنه ان الأمر بين الملاكين انما هو بنحو التمانع والتضاد وعدم أحد الضدين لا يمكن ان يكون علّة للضد الآخر على ما تقدم في بحوث الضد.
وأورد عليه المحقق الأصفهاني ( قده ) بان التضاد انما هو بين معلولي التمام والقصر ، ومن المعلوم ان عدم علّة أحد الضدين ممّا يتوقف عليه وجود الضد الآخر لكونه مانعا عن اقتضاء مقتضي الضد الآخر وتأثيره على ما تقدم في بحوث الضد.
ويمكن الإجابة عن هذا الإيراد بافتراض ان المانع عن تحقق ملاك القصر المضاد مع التمام انما هو خصوصية التمام لا الجامع أي ان خصوصية التمام فيها ما يمنع عن تحقق ملاك القصر ولكن الجامع بينه وبين القصر يكون محققا للملاك المشترك ، وهذا من موارد إمكان اجتماع الأمر والنهي لإمكان الأمر بالجامع والنهي عن الخصوصية لا الخاصّ.
وهكذا يتضح ان فرضية المحقق الخراسانيّ ( قده ) صحيحة ثبوتا في نفسها (١).
النحو الثاني ما ذكره المحقق النائيني ( قده ) من أنه يوجد عندنا واجبان مستقلان أحدهما أصل الصلاة والآخر القصر أو الجهر فيها بنحو واجب في واجب فإذا صلى تماما أو إخفاتا جهلا عن تقصير صحت صلاته بلحاظ الإيجاب الأول وعوقب على تركه للواجب الثاني ، وامّا عدم صحة التمام أو الإخفات مع العلم فقد فرض في تفسيره ان العلم بوجوب القصر أو الجهر استقلالا يوجب انقلابه إلى الوجوب الضمني ، ولا محذور فيه لإمكان أخذ العلم بحكم في موضوع حكم آخر.
ونوقش فيه بعده اعتراضات :
الاعتراض الأول ـ ما ذكره المحقق العراقي ( قده ) من ان هذا يلزم منه أخذ عدم العلم بشيء وهو وجوب القصر أو الجهر الاستقلالي في موضوع المعلوم وكون العلم بشيء رافعا للمعلوم وهذا محال.
__________________
(١) الا أن هذا تصحيح على مستوى الملاك واما بلحاظ الخطاب فلا بد له من فرض تعدد الخطاب في حق الجاهل فيرجع إلى أحد النحوين القادمين.